[email protected]
هجمة غير مبررة من دعاة التغريب والحداثة والتقليد الزائف بالطعن في ربانية القرآن الكريم في الكتب والمرئيات والمسموع والبث على الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» بكل أذرعها المتاحة وعرضهم كشوف العلم - بزعمهم الدائم - لمحكمات القرآن والتعدي على غيره من ثوابت الإسلام كجدلية الحجاب والصلاة وأخيرا إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، والإسلام من كل هذا براء، ويكفي الإسلام فخرا أن تحيته لأي إنسان هي: «السلام عليكم».. فهل هناك أبلغ من هذه التحية؟
هذه الهجمة الشرسة تجعل من واجبات الإعلامي المسلم أن يرد على هذا التطاول برد علمي وليس عاطفيا.
اليوم مع الإعجاز العلمي صار (المجتهدون المسلمون) الأفذاذ والمفكرون المسلمون يردون على دعاة الحداثة والتغريب من الشرقيين والغربيين إضافة الى ملاحدة العرب المتطاولين دائما على الملة الإسلامية الشريفة.
كتاب «العلم وحقائقه بين سلامة القرآن وأخطاء التوراة والإنجيل» ألَّفه العالم المفكر الإسلامي الفذ د.سامي عامري وقدم له د.محمد العوضي، أ.د.عبدالرحمن الشهري ود.منقذ السقار وهم كوكبة انكشارية في الرد على خصوم الإسلام، وقد قام مركز «رواسخ» الشامخ بطباعة الكتاب في سنة 1442هـ - 2020م، والدعاء للدكتور محمد العوضي الذي أصابته الكورونا من أحبابنا القراء، يستاهل (أبو أحمد) شفاه الله وعافاه.
عندما تقتني هذا الكتاب يجب أن تقرأه بشكل صحيح ولا أنصح أي شخص مجتهد بأن يقحم القرآن الكريم في غير بابه فيكلف له معاني ليست فيه فيسيء للقرآن الكريم من حيث أراد نصرته وخدمته!
يقول القدامى من النصارى واليهود إن الإنجيل والتوراة حُرّفا من بني البشر، وكلنا نعرف أن الشطط والتكلف كله شر، فإن القرآن الكريم في غنى عن أن نفتعل له دلائل لإثبات صدقه، فإن القول بربانيته فرع عن العلم بإعجازه، ولهذا كان حرص (مركز رواسخ) على وجوب صيانة القرآن الكريم عن العبث بالوحي باسم العلم أو تزييف العلم باسم الدين، ولهذا يجد من تابع إصدارات «رواسخ» أيضا طباعة كتاب للفيزيائي العراقي د.باسل الطائي عنوانه: (الكيالي بين تزييف العلم وتحريف القرآن)، وهو في بيان تهافت أطروحات أحد العابثين بالقرآن تحت مسمى (العلم وتحريف القرآن)، وذاك وجه دفاعنا عن القرآن أن يكون مستباحا لأقلام الخائضين فيه بغير هدى.
وللوفاء لموضوع العلم والقرآن حقه جاء هذا الكتاب القيم (العلم وحقائقه) ووضعه مركز «رواسخ» بين يدي القارئ الكريم في بحث علاقة القرآن الكريم بالعلم بعيدا عن لغة الإسراف والقول على العلم بما ليس فيه، وهو طرح علمي جريء يتناول التقريرات العلمية في القرآن مع تحكيمها الى صحيح العلم بتناول كل المسائل التي يزعم الملاحدة وغيرهم أن القرآن قد خالف فيها الحق، وهو بذلك يعرض دعوى عصمة القرآن من الزلل تحت الشمس دون وجل، فتلك هي القضية المطروحة اليوم بصورة استفزازية في أدبيات خصوم الإسلام، وهو وجه يرى المؤلف أن حصيلة البحث فيه دالة على إعجاز القرآن الكريم، فإن كتابا أُلِّف منذ خمسة عشر قرنا في بيئة جاهلية في معارفها الطبيعية وتحت الأثر - المزعوم - للثقافة اليهودية على قول المستشرقين لابد أن يكون مشحونا بصنوف شتى من الخرافات، خاصة مع كثرة الآيات الكونية فيه والتي تبلغ المئات ولا تفسير لخلو القرآن من الخطأ العلمي إلا أنه تنزيل من عليم قدير.
روعة د.سامي عامري وهو يتناول في الكتاب القيّم شبهات خصوم القرآن في باب الحقائق العلمية، وإنما يتناول أحيانا بعض أوجه الإعجاز العلمي في القرآن، وهو في ذلك منتبه لما قد يقع في هذا الباب من خطأ في باب التكلف اللغوي أو الافتراء على العلم، فلا يأتي إلا بالنصوص الواضحة مع الاستدلال لصحة الدعاوى العلمية بكلام علماء الطبيعة الغربيين من غير المسلمين.
من يقرأ هذا الكتاب بعين اليقين يشعر بموقف العلم من القرآن المقدس، خاصة مع الهجمة الالكترونية غير المسبوقة على القرآن الكريم والتشكيك فيه بدعوى انه واقع في مخالفة قطعي العلوم.
لقد عرفت د.سامي عامري من خلال كتبه وما كتبت له مؤخرا ثم دعاني فضولي لمشاهدة الفيديوهات عبر اليوتيوب في مناقشته لكثير من القضايا المشكلة في الرد على الملحدين، وأسعدني تعمقه العلمي وحسن مناقشته للقضايا وحسن بيانه وسلامة عباراته وانتقاء كلماته ومعرفته ومتابعته للغات القديمة والمعاصرة، وهو بالفعل عالم نجلّه ونقدره لدوره العظيم في كل هذه الحقائق العلمية التي ترد على المشككين الملاحدة ونجاحه في الموازنة بين موقف القرآن الكريم والتوراة والانجيل ومن العلم التجريبي وحقائقه، وهذا ما أشرت اليه في أكثر من كتاب سابق عرضناه وتحدثنا فيه عن الطبيب الفرنسي الشهير موريس بوكاي، وما عرضته أمس على القارئ الكريم في الكتاب: هل القرآن الكريم مقتبس من كتاب اليهود والنصارى؟
٭ ومضة: من يقرأ الكتاب يعي تماما أنه عرض الإعجاز العلمي في القرآن بطريقة أوسع من السبق العلمي المحض، وانه لا سبيل لمعرفة الإعجاز العلمي في القرآن دون دراسة الواقع العلمي في القرآن، وروافد المعرفة العلمية للعرب ذاك الزمان خاصة مع خلو القرآن الكريم من الأخطاء العلمية رغم كثرة الآيات التي تتحدث عن الظواهر الكونية في السماء والأرض، كما يخلو القرآن الكريم من التقريرات العلمية الفاسدة المنتشرة في الكتاب المقدس، وإن كثيرا من الأخطاء المزعومة في القرآن دالة على إعجازه عند التحقيق، بينما الأخطاء العلمية الواردة في الكتاب المقدس كثيرة جدا ومتنوعة كيفاً بما يمنع أن ينجح التأويل الواسع لهذه النصوص في استنفاد عصمة هذه الأسفار.
٭ آخر الكلام: من له إلمام ومتابعة بهذه القضية بعد أن يقرأ كتاب د.سامي عامري (العلم وحقائقه بين سلامة القرآن الكريم وأخطاء التوراة والانجيل) يعرف أن دعاوى الإعجاز العلمي في الكتاب المقدس فاسدة، لعدم دلالة النص على الحقيقة العلمية المجهولة أو المغمورة زمن التأليف، وأحيانا دلالة النص ذاته على دعوى علمية فاسدة!
٭ زبدة الحچي: هذا الكتاب هدية مضافة اليوم للاخوة الأحباب أصحاب مسمى (الانتصار للقرآن) لأن المؤلِّف والمقدمين للكتاب إنما هدفوا الى الدفاع عن القرآن والانتصار له بعلم وحكمة وحنكة وحُسن بيان.
مشكلتنا العويصة اليوم ليست في هذا الكم من المستشرقين والمنصرين والتغريبيين والحداثيين، إنما مشكلتنا في (فئة ضالة من أبناء أمتنا الملاحدة ممن يتخفون تحت أسماء إسلامية مثل: أحمد، صالح، نورة، خالد) وغيرهم كثير ممن يتسترون تحت أسماء مستعارة، رجالية ونسائية، وقد أخذوا على عاتقهم محاربة كل ما يمتّ للإسلام بصلة، وهم والله ليضحكون الناس على خيبتهم ومحاربتهم لملة الآباء والأجداد بحجة التحضّر والحداثة وهم يترجمون ما في قلوبهم من سواد ومرض وأراجيف وأضاليل.
قال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) (فصلت: 53).
إن المرء ليعجب من تنكّب مسلمي هذا الزمان عن خوض الرد الجائر، فبينما أنت تحدثهم (قال الله وقال رسوله) هم يستهزئون بما تقول، فقد انكفأ عقلهم وقلمهم عن مواجهة الطرح العلمي، وباتوا يمارسون أدوارهم الشيطانية عبر الأزمان في (تعليقات) سمجة توضح سمات شخصياتهم المتوارية في الظلمة وحجم هزيمتهم المنكرة في ترديد عبارات توضح عجزهم المخزي أمام حقائق العلم والمعرفة باتجاهاتها العلمية والجغرافية والتاريخية واللغوية.
أسأل الله عز وجل أن يثيب د.سامي عامري وصحبه الكرام الذين أهدوا هذه الأمة هذا المؤلّف القيّم الجاد الرصين ليقدم نقلة حضارية في الجدل الديني ولـ «تقذف» الأراجيف والأضاليل والتدليس في أقرب مزبلة الكترونية، والعزة والمجد والعلم لهذا الدين القويم، فاللهم بارك واغفر لكل مسلم موحد، واجعل هذا الكتاب وما كتبناه طيلة الفترة الماضية حجة لنا عند الحساب، واغفر وأصلح حال كل من تهجم علينا من خفافيش الظلام.
في أمان الله..