[email protected]
«من شبّ على شيء شاب عليه».
إن تربية الطفل يجب أن تبدأ عشرين عاما قبل ولادته بتربية أمه!
إذا رفع الذي تربيه صوته في فترة المراهقة «البلوغ» فاعلم أنك لم تربّه!
وإذا قامت البنت بحركات بيدها معربة عن موقف استهزاء ليس فيه احترام لأمها التي ربتها فاعلمي أنكِ لم تربِها على «السنع»، أي مكارم الأخلاق!
الأفلام العربية الأبيض والأسود هي التي شكلت ثقافتنا وشخصياتنا، ولولا وجود أب حازم وأم «راكدة» عاقلة، لكان هناك جيل طويل عريض في مهب الريح للأسف!
كلنا نشاهد في الأفلام المصرية مشاهد في التربية مرتكزة على (معليش استحمله هذا ابنك ويمر بالمراهقة وراح يعدي)!
والبنت تخطئ في مواقف كثيرة مع الأم والجيران، ومَن هم حول الأم يقولون: استحمليها فترة طيش ومراهقة وراح تعدي!
هذه كلها كذبة كبرى وشاذة كذبوها على أمة العرب والإسلام حتى نقبل بكل هذا الانحراف من أولادنا وبناتنا بحجة المراهقة التي نسميها شرعا فترة الرشد وسن التكليف الشرعي!
قارئي العزيز: لنعلم أننا كآباء وأُمهات نربي من الصغر (من المهد حتى اللحد)، وخلال فترة تربيتنا لهؤلاء الأمانات التي بين أيدينا هناك فترات تسمى (سن الطيش)، وهي حركات وألفاظ بريئة براءة قائلها، لكن اعلم وأنت تربي هذا الطفل أن تربيتك راح تتضح في سن الرشد والبلوغ، بمعنى أدق وأوضح إذا وجدته في سن النضوج يتصرف معك بالقول والعمل (بقلة أدب) فاعلم أنك لم ترب وأن ابنك أو ابنتك من اشترك معك بتربيته وأوصله إلى ما وصل إليك من قول أو لفظ أو سلوك غير مهذب!
ولأنني كنت مربيا ومعلما وقارئا للتاريخ، أقول ردا على مَن يريدون اليوم أن يعلموا (الآباء والأمهات) الذين تعلموا وتخرجوا في مدرسة «السنع» لا مدرسة الفاشينيست والبويات والجنس الثالث، إن الرسول صلى الله عليه وسلم محمد سيد هذا الخلق من قبل ومن بعد سلم أسامة بن زيد قيادة جيوش المسلمين وهو ابن 18 سنة قائدا عاما ويأتمر الصحابة رضوان الله عليهم بأمره منهم سيدنا أبوبكر وعمر رضي الله عنهما!
القائد محمد القاسم فتح بلاد السند وعمره 17 سنة، كما فتح عبدالرحمن الداخل بلاد الأندلس في سن 21 سنة! ومحمد الفاتح فتح القسطنطينية وعمره 22 سنة، وأول من رمى سهماً القائد سعد بن أبي وقاص وعمره 17 سنة.
تذكروا ونحن نقرأ سيرة الإسلام الأولى كيف حوّل الأرقم بن أبي الأرقم وعمره 16 سنة بيته مقرا لانطلاق الإسلام ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم.
من الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام سيدنا طلحة بن عبيد الله (16 سنة) من كرماء العرب في الإسلام، والزبير بن العوام (15 سنة) أول من سل سيفه في الإسلام، وعمر بن كلثوم سيد قبيلة تغلب أقوى قبائل العرب وأكثرهم نصرة للدين الإسلامي في زمانها.
ألا تذكروا معاذ بن الجموح (13 سنة) ومعوذ بن عقراء (14 سنة) هما من قتلا «أبا جهل» في غزوة بدر.
ونتذكر زيد بن ثابت (13 سنة) الذي حفظ لغة اليهود في 17 ليلة، وكان ترجمان النبي صلى الله عليه وسلم وكاتب الوحي.
أنا من مدرسة التربية القديمة وأفتخر بعصاي (عزيزة) أم (التيب الأصفر) التي ربت وزراء ونوابا ووجهاء وناجحين كثيرين في هذه الحياة وأراهم في دهاليزها، وكلي فخر بما وصلوا إليه، هؤلاء هم من نريد اليوم أن نكذب بهم كل ما أخرجوه من دراسات وقوانين نريد أن تخرّج لنا جيلا خائفا مترددا (طويل اللسان) على أهله ومجتمعه وبالتالي وطنه!
هم لا يريدون صلاح الدين ولا محمد الفاتح ولا خالد ولا سعد ولا أسامة!
الكذبة التي صدقها (عربنا) تبرير تصرفات رجال وما هم برجال، وربما أصبح على أبواب الستين ولم يفعل في حياته إنجاز الرجال، والحجة: «هو يمر بمرحلة المراهقة المتأخرة»!
هم والله وكل دراساتهم لا يريدون لنا كمسلمين أن نربي كما ربى الآباء والأمهات. في زمن (صفقة القرن) يريدوننا أمة (منهزمة منكسرة) ضعيفة، همّ شبابها المهرجانات والملهيات وشخصيات تسود من أشباه الرجال!
قال الشاعر:
قد ينفعُ الأدبُ الأطفالَ في صغرٍ
وليسَ ينفعهُم من بعدِه أدبُ
إن الغُصُونَ إِذا قَوَّمْتَها اعتدلت
ولا يلينُ إِذا قَوَّمْتَهُ الخَشَبُ
٭ ومضة: أيها الأب، أيتها الأم، يا قادة المجتمع والوطن ليس هناك ما نسميه «كذبة المراهقة» هناك سن التكليف وسن الرشد.. ارجعوا إلى طريقة تربية الآباء والأجداد والمربين من المعلمين المخلصين (الجيل القديم)، هم على صواب وما تراه في الإعلام والميديا غلط!
٭ آخر الكلام: أيها الأبناء اجتهدوا في رضا الوالدين، والمطلوب منكم أن تحصلوا على رضا الآباء والأمهات لا العكس، والألعاب الإلكترونية والكتب الصفراء والميديا العنكبوتية وأشباه المعلمين كل هذه لا تربي ولا تُعلِّم، ارجعوا الى المنبع الصافي القرآن الكريم فيه دستور حياتكم!
٭ زبدة الحچي: جيلنا والأجيال التي سبقتنا لم نعرف العقوق وتعلمنا الأدب في القول والسلوك مع الآباء والأمهات والجيران وكل أفراد المجتمع، صغيرنا يحترم كبيرنا، وكبيرنا يعطف على صغيرنا، عشنا سنوات الفقر والرخاء، لم نفشل في حياتنا لأن خلفنا وأمامنا قدوات عظيمة من الرجال والأمهات، ولم نسمع أن أحدا من أهالينا فشل أو (تعقد) بفضل الشدة في التربية، وتخرج كثير من جيلي ومن هم قبلي ومن بعدي، رجالا ونساء، تفخر بهم أوطانهم.. هذا حصاد تربية الأمهات والجدات والأجداد، ولم يكن عندنا (معقدون أو مرضى نفسيون) من هذه التربية الجميلة!
قالوها: من فات قديمه تاه!.. ومثلنا يقول: «عتيج الصوف ولا جديد البريسم»!
شوفوا التربية القديمة ماذا خلَّفت؟ وشوفوا التربية الجديدة ماذا ورَّثت؟
مساوئ التربية المتحضِّرة تُفسد الطفل فلا يستطيع مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها، وتركه دون توجيه قد يصنع منه ديكتاتورا!
في أمان الله..