[email protected]
في سنة 1442هـ الموافق 2020م مارس الناس حقهم الانتخابي وساد لديهم شعور الترقب والحذر!
ولأول مرة كمواطن لم ألحظ أي مؤشر على وجود المال السياسي، لكن بقيت التسهيلات والوصايا في الطريق الأخضر!.. ودربك خضر يا صاحب «المعاملة»!
ولأول مرة أعي أن ممارسة الديموقراطية تسير نحو المزيد من الرقابة الشعبية على متابعة المرشحين تحقيقا للتطلعات الشعبية نحو المزيد من الممارسة الشعبية والرقابة الجادة على ما يدور خلف الكواليس من (بيع وشراء وتبادل) للأصوات، إن وجد، في خضم التكتيكات الأخيرة قبيل الاقتراع القادم خاصة أن جائحة كورونا (كوفيد- 19) وفّرت لنا كمواطنين في أوقات الفراغ الزائدة على الحد متابعة كل صغيرة وكبيرة.
الحمد لله أن هذا الجيل من الشباب المسيطر الآن على الأوضاع الانتخابية لا يقاد كما (كان)، جيلنا يتأثر بتوصيات من هم أكبر منّا سنا، وأكبرنا كان يلتزم بما يوصيه به والده (صوّت لفلان.. طبعا ما كان عندنا صوت لفلانة)!
اليوم الرجل والمرأة يتنافسان على الوصول إلى الكرسي باتجاه متصاعد لممارسة الحق الانتخابي غير أن هذه الانتخابات، كما ذكرت في أكثر من مقال، ستكون فيها (ردة انتخابية) لأسباب كثيرة، منها التجربة الديموقراطية نفسها وكيف أوصل (الصوت الواحد) هذا الكم من الفساد الذي ظهر عقب النتائج، وهذا بالضبط أحد أسباب انكفاء العملية الانتخابية وتراجع الإقبال على التصويت المرتقب، إضافة الى وجود حق دستوري لتصويت المصاب وخوف شريحة عريضة من الناخبين من الحضور لهذا السبب الكوروني الكوفيدي 19!
صحيح إن السلطة الآن أشعر بأنها غير منحازة لتيار وتوجه معين، وهذا أمر جيد وطيب، لأن وقوفها على (الحياد) لا يدخلنا في (تسييس) العملية الانتخابية، تاركة للمواطن الناخب اختيار من يراه دون توجيه أو استحواذ بعيدا عن (لعبة الصراعات) الدائرة بين الكتل والشرائح في صراع المصالح، وغياب امتياز التنفيعات غير القانونية والدستورية (أمر جديد لافت للنظر)، وينظر بنظرة الشكر والتقدير من المواطنين الناخبين لأن هذا التوجه سيكون للصالح العام والمجتمع الكويتي والكويت.
المشهد الديموقراطي الانتخابي أمام الجميع ولم يسجل حتى اليوم على السلطة تدخلها وعلينا أن نشجع هذا الوضع الصحيح لأننا في مجتمع ديموقراطي فيه شفافية ومحاسبة.
أتصور، لقد نجح شعبي في تشكيل قوة ضاغطة على السلطة كي تبتعد عن الانتخابات وتوجيهها، وهذا سلوك وانحياز للديموقراطية والحياد!
أتوقع أن نرى في هذه الانتخابات تدني نسبة الاقتراع لغياب أولا البرامج الانتخابية، وعدم وجود المخيمات والدواوين والمجالس الانتخابية أضعف الرغبة في المشاركة، إضافة الى «كورونا كوفيد- 19»!
وبنظرة إلى الإعلام وما ينشر من لقاءات وإعلانات تجد أن هذه الدورة الانتخابية هي الأضعف طوال سنوات الديموقراطية في الكويت لأن الناس زهقت من الفساد والمفسدين وحتى في وجود برلمان منتخب!
ما أحوجنا إلى تشكيل لجنة أو جمعية لحماية الناخب من التضليل، دورها كبير في توعية الناخبين من الاستغلال وصيانة الحقوق والتعريف بالواجبات وإن ظهرت إلى النور فستكون (فخرا واعتزازا للكويت ولكل الكويتيين).
٭ ومضة: في الدول الديموقراطية المتحضرة تكون الرقابة على عمل الحكومة بيد المجالس النيابية المنتخبة التي لها وسائلها في الرقابة والاستجواب ولجان التحقيق والمحاسبة والقرار.
أرجو ألا تكون نسبة المشاركة هذه المرة محرجة جدا لأن الناس سئمت من أداء مجالس الأمة، وغياب الثقة والقناعات ساهم الى حد أن يتساءل المواطن الناخب: ماذا فعلت لي الديموقراطية؟!
٭ آخر الكلام: ما أحوجنا الى الوعي الشعبي الرقيب على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا يستلزم أولا التفاؤل والنزاهة والشفافية، وكلما زاد وعي الرقابة الشعبية انعكس هذا على نضج المجتمع الكويتي الديموقراطي، ولتعزيز هذا كله علينا أن نبدأ بإدخال الديموقراطية في التعليم والمناهج والمقررات.
٭ زبدة الحچي: أنا شخصيا كلما رجعت بالذاكرة إلى الخلف اتضح لي المشهد أكثر وضوحا، وبنظرة في الحوار الدائر بالمضابط والقرارات نشعر بأننا في تراجع، ولهذا ينطبق علينا قول الشاعر:
رب يوم بكيت منه لما
صرت في غيره بكيت عليه
أنا وجيلي المخضرم مازلنا مع وجود مؤسسات تهدف إلى نشر مبادئ الديموقراطية وتوعية الناخبين والمواطنين بحقوقهم السياسية وعلى رأسها التصويت وحق مراقبة هذا المرشح إذا نجح في الانتخابات ومدى التزامه بما قطعه من وعود!
من أجل أحفادنا علينا أن نستمر في التوعية المجتمعية لتطبيق الديموقراطية بشكل صحيح مهما كانت الصعوبات.
إن قادة المجتمع الكويتي من المثقفين والمتخصصين والنخب عليهم تشجيع اجتذاب الأجيال الجديدة الى الانخراط في عمل جمعيات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام التي تطالب بتأصيل الديموقراطية في الحراك الاجتماعي والشعبي.
إن ظاهرة تمزيق المجتمع الكويتي باتت معروفة ومحددة، لكن الحمد لله أراها اليوم إلى زوال في عهد النواف والمشعل.
كمواطن أشعر بالفخر بأن دولتي الكويت تمارس الديموقراطية بينما شعوب كثيرة ترفع صور أعتى الديكتاتوريين في العالم.
لقد ذهبت «العبثية» في المال السياسي وشراء ود الناخبين في هذا العهد الميمون وهذا ينعكس في أروقة مجتمعنا وفي وسائل التعبير عن الرأي في الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل فاعل، ويكفي أننا بدأنا نشعر بأن الكثير من الناس (استحوا) من بيع الصوت، خاصة أن عملية ضرب المفسدين بدأت قبل دخول الانتخابات وهذا ما سيسهم في الإصلاح السياسي من خلال تقويم وتقييم المسار الانتخابي.
وخذوها حكمة: الرقابة الشعبية هي صمام الأمان وهي التي تدفع الحكومة الى السير في طريق صحيح وكذلك مجلس الأمة ونوابه القادمين!
وتبقى الحقيقة: الديموقراطية في الكويت ليست وليدة مصادفة ولم تولد عام 1962 بل إن جذورها ضاربة في العمق وتعود إلى مجلس الشورى عام 1921 وسنة المجلس 1937.
اللهم احفظ بلدي وأميري وولي عهده الأمين وشعبي.. إنها الكويت أمانة الجميع.