[email protected]
كتاب ثري بالمعلومات حول حقبة زمنية خاصة عن الكويت في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي يوم كانت الكويت تقتات في رزقها على البحر من غوص وسفر ونقل بحري بين الكويت والهند وسواحل أفريقيا ودول الخليج العربية وإيران وغيرها من الدول في هذا العالم الكبير.
أستاذنا القدير حمزة عليان بمواكبته اليومية في عالم الصحافة والتأليف استطاع عن جدارة أن يوثق طوال 44 عاما من فترة إقامته مجموعة من الكتب القيمة التي ألَّفها عن الكويت وهذا أحدها (الكويت في الخمسينات) استوقفته الكويت في هذه الفترة فأشبعها بحثا ودراسة ودعمه الدكتور عبدالله يوسف الغنيم ـ رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية ليرى النور، وقد أحسن اختيار مقدم الكتاب أستاذنا ومعلمنا العم سليمان ماجد الشاهين، الديبلوماسي الحصيف الذي أضفى على الكتاب من مدخلات زانته وعمقته وأثرته ليقدم اليوم لأبنائنا من هذا الجيل الواعد واللاحق إن شاء الله.
عندما تقرأ هذا المؤلف القيم (الكويت في الخمسينات) تتمنى لو يرجع بك العمر الى الوراء لتعيش تلك الحقبة الحافلة بالأحداث من تاريخ الكويت.
نجح أستاذنا حمزة عليان هذا اللبناني الجميل العاشق للكويت في أن يحوِّل حبه وتجربته الصحافية والإعلامية في توثيق مرحلة من أهم مراحل الكويت (القديمة - الحديثة)، حيث بدأ بمرحلة بناء الدولة الحديثة وما صاحبها من تنظيم إداري وحكومي وتنظيم الدوائر وبدء تنفيذ خطط التنمية الإدارية والبشرية والتعليم والخدمات الصحية والالتفات الى قضية ندرة المياه ونشأة البلدية والمحاسبة والموظفين وإدارة الشؤون الاجتماعية والطفرة في الخدمات الإسكانية والخروج ما وراء السور.
ثم تناول تحول الكويت الى منارة ثقافية وتنويرية، فتكلم عن صحافة الخمسينيات والقراءة والمكتبات والإنجازات التي حدثت في الفترة (1950 ـ 1960) ثم أوضح دور اللجنة الدائمة لمساعدة أهلنا في دول الخليج العربية والهيئة العامة للجنوب والخليج العربي، خاصة جنوب اليمن، وتحول الكويت الى العرب لتكون الكويت بلاد العرب، وعرض الشخصيات العربية القيادية التي برزت في تلك الفترة وتأهلت وتخرجت في الكويت، ثم تناول مشاهدات الرحالين الأجانب والمستشرقين الذين مروا بالكويت والصحافة الغربية وما كتبته عن الكويت.
٭ ومضة: إلى الجيل الكويتي الحالي هذا كتاب قيم احرص على قراءته لتعرف وطنك كيف كان في فترة الخمسينيات!
عزيزي الوافد المشارك لنا في حب هذه الديرة الطيبة، لا يمنع أن تتعرف على تاريخ الآباء والأجداد، طيب الله ثراهم، كيف واجهوا الفقر بعلو الهمة والغوص والسفر والنحت في الصخر للحصول على الرزق، وعندما جاء الخير لنا بظهور النفط لم ننس أهلنا في الخليج العربي وأمتنا العربية والإسلامية من كل صنوف العطاء الخيري، وربي يديم على الكويت وأهلها الرخاء والأمن.
نحن بلد نعتز بأن عندنا مجالس منذ عام 1938 مثل: (المجلس البلدي ـ المعارف ـ الصحة ـ الإنشاء ـ الأوقاف).
قفزة الكويت الأسطورية جاءت منذ ظهور النفط (الساحر الأسود) وتؤكد الوثائق البريطانية أن الشيخ عبدالله السالم (أبوالدستور) - رحمه الله - أنفق عوائد النفط على مشاريع التنمية وصارت المدارس تضم أكثر من 27 ألف طالب و18 ألف طالبة منتظمين في الدراسة بمدارسهم.
في عام 1961 خرج الدينار الكويتي الى العلن، وكانت قيمته تعادل الجنيه الاسترليني تقريبا، وظهرت محطات الوقود (البنزين) وإعادة إعمار مدينة الكويت والتثمين والإنفاق على المشاريع وظهور مدينة الأحمدي العصرية وخدمات البريد، ومع قدوم أول بعثة من المدرسين الفلسطينيين كتب شاعر الكويت الفذ فهد العسكر قصيدة بعنوان: (بسمة ودمعة) قال في مطلعها:
حي الأساتذة الكرام تحية
تُزري بعرف المسك والريحان
بالله يا رسل الثقافة خبرونا
كيف حال الأخت يا إخواني
٭ آخر الكلام: منذ الشحنة الأولى من النفط التي تمت في عهد الشيخ أحمد الجابر - رحمه الله - والكويت تنمو وتتمدد نحو المعالي والحضارة، والتاريخ لن ينسى أعضاء لجنة الإصلاح التي شكلت الدوائر الحكومية، وهم: العم عبدالحميد الصانع - العم عبدالمحسن الخرافي - العم نصف اليوسف - العم خالد الزيد - العم يوسف الحميضي، فأمثال هؤلاء الكرام بنوا نواة الكويت الحديثة دون حدوث ملفات بنغالية وماليزية!
٭ زبدة الحچي: الكتاب يقع في 194 صفحة وعشرات الصور القيمة التاريخية وهو عبارة عن بانوراما تتنقل بك من محطة الى أخرى، مزينة بالصور التاريخية، مثل ثانوية الشويخ وفصول محو الأمية والبعثات الطلابية والإحصاءات الصحية والمجالس القديمة وعمليات هدم السور وصورة أول من أطلق عبر الأثير (هنا الكويت) العم مبارك الميال.
لقد كانت الكويت منذ الخمسينيات ورشة عمل قافزة نحو منارات الثقافة والتنوير والديموقراطية والإرسال الإذاعي وبروز مجلة العربي ومطبعة الكويت والكويت اليوم الرسمية وظهور متحف الكويت الوطني وبروز الكويت العربي والدور الإنمائي، وبدأ ظهور الرواد العرب من أبرزهم زكي طليمات ودوره في المسرح الكويتي وأحمد زكي ومنارة «العربي» وعبدالرزاق السنهوري في وضع القوانين ود.عثمان خليل عثمان الذي كتب نشأة دستور الكويت وبدر شاكر السياب وغسان كنفاني ومحمد بحر العلوم وبصمته في المشاركة بالأمسيات الأدبية والثقافية والقائد صلاح خلف أبو إياد وقصة قدومه الى الكويت عام 1959 وسليم الحص وخالد مشعل وانطلاقه من الكويت وفؤاد زكريا وشاكر مصطفى وناجي العلي، وأنا أضيف الزميل حمزة عليان ونقول له شكرا ما قصّرت.
في أمان الله.