[email protected]
لا يوجد انتقام أكمل من التسامح.. هذا ما تعلمته في حياتي!
من القصص التي تروى ما حدثني به صديق يقول: أنا وأخي كنا أعداء في صغرنا كله (نتهاوش) أي نتخانق ونتحارب ونتزاعل، وكانت الوالدة، رحمها الله، تقول: «يا عيالي انتو اخوان ما تستغنون عن بعضكم»، وكذلك الوالد كان يقول: «الله يهديكم حق أنفسكم مادري ليش هالعداوة والهواش، راح يجي يوم وتعرفون قيمة بعضكم»!
تزوجت أنا وأخي وازدادت العداوة بيننا وانتقلت الى زوجاتنا وعيالنا وتوفيت الوالدة ثم أبي وتقاسمنا (الحلال) الإرث، وافترقنا، ولا أحد فينا يدري شيء عن الثاني بعد قسمة الارث!
دخلت في تجارة وخسرت كل ما أملك وتعبت نفسيا من كثرة الديون والوحدة والأمراض الى أن كرهت الحياة وتمنيت الموت!
في يوم صليت الفجر ودعوت ربي - دعاء البائس المضطر - وتضرعت الى ربي عز وجل أن يكشف همي، ويزيل غمي!
وإذا بصديق لي يدفع لي مبلغا (كبيرا محترما) من المال، ويقول لي: ابدأ حياتك من جديد، وإذا تيسرت معك الأمور فسدد لي المبلغ!
فرحت فرحا كبيرا بالمبلغ الذي أتاني من حيث لا أحتسب، وقبلت رأسه وأخذت المال وتاجرت به وربحت من المال الشيء الكثير؛ لدرجة أنني أصبحت قادرا على سداد الدين ورد المبلغ لصاحبي الوفي الذي أنقذني.
أتاني صديقي الى (دكاني) فظننت أنه يريد أن يسترد مني الدّين، قال لي: أريد منك أمرا ضروريا، قلت: لبيك حاضر ودينك يا ولد الحلال عندي وأنا جاهز لسداده، فقال: الأمر أكبر من ذلك، إن الذي دفع لي المال لأعطيه لك هو أخوك!
وطلب مني ألا أفشي السر وحلفني على القرآن وهو اليوم على فراش الموت، فهل أتيت معي لتزوره وتتسامح منه!
ذهبت معه الى المستشفى ودموعي تغسل كره السنين ومسكت بيده وقبلت رأسه وقلت له: سامحني يا أخوي!
نظر إليَّ نظرة (صبت منها عظامي) وأومأ برأسه راضيا عني، أي نعم ثم فارقت روحه الجسد!
٭ ومضة: في تجربتنا الحياتية لا شيء يعدل خوف الأب ومحبة الأخ والصديق الصدوق الذي لم تلده أمك!
الاخوة في الحياة عزوة اذا نخيته قال لك أبشر يا أخوي وختمها لبيك!
٭ آخر الكلام: إلى قارئي الكريم في كل مكان، أليست ثلاثة أرباع الزعل.. ظنا؟!
بادر.. عزيزي القارئ وسترى الصلح أجمل لأن أغلب خيبات الأمل تأتي بسبب ارتفاع سقف التوقعات!
٭ زبدة الحچي: الأخ في الحياة نعمة لا تعادلها نعمة، هو الرفيق والسند، وهو من يحزن لحزنك، ويفرح لفرحك، ويقدم مصلحتك على مصلحته، ولهذا كله فإن الأخوة الحقيقية لا تقدر بثمن، قال الشاعر:
أولئك إخواني الذين أحبهم
وأوثرهم بالود بين إخواني
وما منهم إلا كريم مهذب
حبيب إلى إخوانه غير خوان
قبل أن أودعك قارئي الكريم في كل مكان: تذكر أن أخاك هو الذي يضيء حياتك، والسند القوي والنبع الذي ترتوي منه حبا وحنانا في قادمات الأيام، والأعمار سنوات وتمضي، وآخرتها متر في متر وينتهي العمر!
إليكم جميعا:
من لا يعز أخيه ويقدر أخيه
يندم الى بانت صواديف الايام
ما ينتعوض الأخ لو فيه ما فيه
حط ذراع لك والايام قدام
تلفي عليك وجيه وتغادر وجيه
وأخيك طول العمر يبقى لك حزاموليست هناك «زبدة حچي» إلا ما قاله الشيخ راكان بن حثلين، رحمه الله، ما قل دل، وزبدة الهرج نيشان، والهرج يكفي صامله عن كثيره. في أمان الله.