[email protected]
هكذا هي الدنيا يبقى الموت سُنة الله في خلقه، فالأرض تدفن وتبلع، والأرحام تدفع، وما بين ميت وجديد قادم تستمر الحياة والموت ختامها مهما طال عمرك.
أول من أمس السبت 1 رجب 1442هـ الموافق 13 فبراير 2021م رحل عن هذه الدنيا الفانية عميد عائلة الخراز الكرام المغفور له بإذن الله تعالى العم جمعة عثمان إبراهيم الخراز، طيب الله ثراه ومثواه، عن عمر يناهز الـ 93 عاما ودفن في مقبرة الصليبخات، ولا عجب أن رأيت جموع المعزين بالأمس تسير في جنازتك المحمولة على أكتاف أولادك وأحفادك ومحبيك.
رحل ولد الكويت ابن (المطبة) في شرق، ويعتبر العم (جمعة) الابن الأصغر لوالده عثمان إبراهيم داود الخراز الذي أتى على ذكره المؤلف سيف بن شملان في تاريخ الغوص على اللؤلؤ، وكتاب «حرب الصريف» لفيصل السمحان.
رحل العم «بوخالد» الذي تعلم كحال جيله على يد المطاوعة في الكتاتيب وأجاد الكتابة وقراءة القرآن الكريم.
رحل العم جمعة الذي دخل الغوص مع والده وأحب الأسفار.. رحل من حوّل بيته في الرميثية الى بستان جميل فيه ما لذ وطاب من الفاكهة والخضراوات.
رحل العم بوخالد الذي كان يحرص على سقي وإطعام الطيور الماء والشعير، وعندما سئل عن هذا الأمر في الزمن الكوروني، قال: هذه كائنات من الطيور علينا أن نهتم بها في هذه الفترة وفي كل ذي كبد رطبة أجر، إذا احنا ما نرعاها من يرعاها؟
هكذا هو العم (أبوخالد) له من الشيم والمناقب ما يصعب أن نعدده.
انتقل من المطبة في شرق الى (الفيحاء) لفترة، ثم الى (الرميثية) هكذا قضى جل وقته، حيث عمل في الوظائف الحكومية شأنه شأن الرعيل الأول، فلقد عمل في وزارة الصحة ثم انتقل الى وزارة الأشغال قسم الخدمات، وكان له دوره في المنشآت التي أقيمت على الساحل مثل الشاليهات التابعة للأشغال.
من أصدقائه المقربين العم عبدالله يوسف بوناشي، التويتان، أحمد الزايد وعبدالله العسعوسي، عبدالله الحاتم، وأحمد الحاتم، وله علاقات مع كل أسر الكويت العريقة في شرق وچبلة والمرقاب.
كانت ديوانيته تبدأ كل يوم من (9 الى 12) ظهرا، ومن بعد صلاة العصر الى صلاة المغرب، وكان ـ رحمه الله ـ طيب المعشر، كريما، فزاعا بالخير، ومساعدة أهل ديرته، يحفظ الشعر وملما بالتاريخ الكويتي، وكان دائما يدعو أنجاله وأحفاده، ويوصيهم بالكويت، وهكذا طوى هادم اللذات حياة العم جمعة الخراز الذي كانت تجارته مع الله، مؤديا الفروض والسنن، وكان ذا أخلاق نبيلة، مؤمنا بما يكتبه الله، ويقول لمن حوله دائما: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا..) آل عمران 145.
٭ ومضة: رحم الله العم جمعة عثمان الخراز صاحب الأيادي البيضاء من الرعيل الأول، الذي تدرج في عدة وظائف ومناصب وأعمال، وكان وفيا لوطنه ومجتمعه وشعبه، وكان ديوانه في (منطقة الرميثية) ملتقى لرجالات الكويت الأخيار، فقد كان (بوخالد) رجلا كريما معطاء اشتهر كمزارع من الطراز الأول، وله خبرة في النجارة وصيد السمك.
لقد نشأ العم جمعة عثمان الخراز في بيت محافظ. عرف والده وجده، رحمهما الله، أنهما عاشا فترة الغوص والسفر، وقد تعلم منهما وسار على دربهما، وكان محبا مقدرا لأبناء عمومته في القصيم.
٭ آخر الكلام: رحمك الله (أبا خالد) كرست حياتك لوطنك وخدمة شعبك، وكنت دائما المبادر تجاه أهلك وصحبك وربعك وجيرانك ومعارفك؛ لأنك من أهل الخير والفلاح، ومسيرتك اليوم أكبر من أن تحصى يا عم، الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة.
وكان رحمه الله من قراء «الأنباء»، وهي جريدته المفضلة التي كان يحرص على متابعتها يوميا.
٭ زبدة الحچي: تقف كلماتنا عاجزة أمام هذا (الكويتي) الذي أعطى أكثر مما أخذ!
لم يبخل على وطنه ولا شعبه ولا أهله وخلانه وكل من استجار به.
رحمك الله يا عم (جمعة) وأتمنى من القراء في داخل الكويت وخارجها ألا يبخلوا عليه بالدعاء.. فاللهم وسع مدخله وأكرم نزله واجعل قبره روضة من رياض الجنة، ومنزلته في الفردوس الأعلى يا حي يا قيوم، ارفع درجته وأسكنه جنات عدن بفردوسك الأعلى.
وهكذا ترجل العم جمعة الخراز واسترد الله عز وجل أمانته فيه لتبقى الحقيقة التي أعلنها سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه:
الموت باب وكل الناس داخله
يا ليت شعري بعد الباب ما الدار!
عظّم الله أجر إخواني وأخواتي أبنائه وأحفاده في هذا المصاب الجلل، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أسرته وأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
قبلة على رأس شيخنا وأستاذنا وموجهنا وحبيبنا الأستاذ المربي خالد جمعة عثمان الخراز - أبا الحارث - ولا نقول إلا ما تعلمناه.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
..في أمان الله