[email protected]
ورحل صديقي «الحياوي» الأستاذ يوسف بندر في الزمن الكوروني، وقد سبقه ابن عمه إدريس محمود بندر، ومن قبلهما كثير من أبناء جزيرة فيلكا التي نحبها وتحبنا!
رحل بويعقوب، الإنسان الكويتي الفيلچاوي حتى النخاع دون كلمة وداع كعادة هادم اللذات امتثالا لقوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت).
وهكذا هو الموت قاطع كل فرحة، فيه العبر والعظات!
أرثي صديقي المقرب يوسف بندر، ذلك الإنسان الرائع المتصالح مع نفسه والآخرين، والذي غادرنا على يد كورونا الكريهة!
ابكي بويعقوب الذي يتصل ليشارك في إفطار الصائم أو يسأل عن الأضاحي!
أبكي ذلك الإنسان الجميل الذي يتصل قائلا «رايح باچر فيلچا، ما تحب ترافقنا؟».
أبكي ذلك الأستاذ المربي المعلم الذي مسك إصبع الطباشير في قاعات الدرس.
أبكي ذلك النقابي الذي أفنى شبابه في خدمة المعلمين في الجزيرة يوم كان رئيسا للفرع خلال فترة عملي كأمين سر لجمعية المعلمين، وزادت على مدى الأيام وتسارعت الأحداث.
كنت أفرح عندما أذهب إليه في الجزيرة وأجده مع الأستاذ إدريس محمود بندر وحمزة ميرزا وبدر رجب.
يوسف عبدالرحمن وناصر الصلال رحمه الله وإدريس محمودوحمزة ميرزا وبدر رجب في بيت يوسف بندر بفيلكا
آخر مرة زرته في فيلكا سوى لنا غدا «مطبق هامور»، وكان معي الأخ الزميل ناصر الصلال ـ أبو بدر ـ رحمه الله.
كان نجله يعقوب صغيرا ويجلس معنا على السفرة وأمازحه قائلا: ستكون مثل والدك نوخذة تعليم!
ربي يحفظ له أنجاله: يعقوب ـ محمد ـ محمود ـ علي.
يوسف علي بندر كان شديد التأثر بالأحداث، أتذكر أني اتصلت به معزيا في أحد أقربائه الشهيد البطل خالد أيوب بندر في الثمانينيات شهيد طائرة الجابرية.
وشعرت بنبرة حزنه على «ولد أخته» بطل الرميثية الشهيد وليد إبراهيم بندر.. وهكذا هو متسيد الرثاء أبا يعقوب رحمه الله.
٭ ومضة: 69 عاما قضاها أستاذنا المربي يوسف علي محمد بندر، ودفن يوم الخميس 6/5/2021.
وهكذا طوى هادم اللذات عمر أستاذنا أبا يعقوب وبقيت سيرته عطرة، أفنى عمره في محبة الكويت والإخلاص لها، والكل يذكر موقفه البطولي عندما احتلتنا جحافل العراق الصدامية عام 1990، صمد في الجزيرة وساعد أهلها بكل ما يستطيع، وتعرض خلالها لمختلف صنوف التهديد والوعيد للمغادرة، وكان آخر المغادرين، ليمارس دوره البطولي على أرض الكويت صامدا مساعدا المقاومة الشعبية وداعما لكل الفرق المتطوعة لخدمة أهل الكويت الصامدين، ومن يعرف المربي الأستاذ يوسف بندر يعرف تماما أنه أمام إنسان وطني صادق يعمل بصمت لصالح البلاد والعباد.
٭ آخر الكلام: ورحلت يا صديقي دون وداع كعادتك بكل هذا الحياء والخجل الذي لم يبق منه إلا ذكراك العطرة.
كم من أخٍ لي صالح
بوّأتُه بيديّ لحدا
اعرضت عن تذكاره
وخلقت يوم خلقت جلدا
٭ زبدة الحچي: أبا يعقوب، رحمك الله أيها الراحل، ليس عيبا أن نعلن حزننا على فقدك وغيابك لأن الحزن ليس عيبا وقليل من يملك نفسه عند الشدائد.
بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل
لقد دخل صاحبي إلى مستشفى الأميري ولم يمكث طويلا متأثرا بكورونا اللعينة!
حق علينا جميعا من نحب يوسف بندر ان نتسلح بالصبر، فالصبر على البلاء أعظم عطاء، ولنترحم عليه وندعو له.
وختاما، أعزي أهلنا من آل بندر الكرام في مصابهم الأليم، ونحن في دار الابتلاء في السراء والضراء.
أعزي ابن اخته وتوأم روحه عادل إبراهيم بندر ـ بو عبدالله ـ في هذا المصاب الجلل.
اللهم إني داع فأمنوا: اللهم ارحم واغفر لعبدك يوسف علي محمد بندر، اللهم آنس وحدته في غربته، اللهم انزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، واملأ قبره بالرضا والنور والفسحة والسرور.
اللهم اغفر له في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين لنا وله يا رب العالمين.
اللهم ارحمه تحت الأرض، واستره يوم العرض، ولا تخزه يوم يبعثون.
نسأل الله في علاه ان يرزقه الجنة ونعيمها، ونعوذ بك من النار وعذابها.
اللهم أسكنه فسيح الجنان، واقض له من رحمتك يا رحمن.
وداعا صديقي وحبيبي وتاج راسي ووسام صدري يوسف بندر.. وداعا وإلى لقاء بالخير إن شاء الله.