[email protected]
الصيت الحسن أفضل من الغنى الكثير، والنعمة خير من الذهب والفضة!
أمره عجيب، يطرح المسائل، يحللها على كيفه، يرضي الطرفين هكذا كان في عصره يضحك جمهوره من سوالفه ويتركهم في حيرة وقد أخذت منهم كل مأخذ!
امتلأت الكتب برواياته ونوارده وقصصه.
أهو شخصية وهمية أم حقيقية؟
من أي بلد؟ في أي عصر عاش ومتى ولد؟
ما قصصه الحقيقية؟ وما الوهمية التي نسبت إليه؟
بعض الكتب والمراجع ترجع عصره إلى 160هـ!
بعض الكتب عرفتنا به هو: دجين أبو الغصن بن ثابت اليربوعي البصري.
رواية أخرى، توضح أنه نصرالدين جحا وهو تركي الأصل من الأناضول من قرية خريتو عاش في سنة 605هـ، وهو إنسان مثقف وكان خطيبا ومدرسا وواعظا وله جرأة في قولة الحق ومواجهة الأمراء والحكام والعلماء، وكان عفيفا زاهدا ناسكا، ضاحكا فكها، يلقي بنوادره طوال أيام حياته، وكان غالبا ما يصاب بشظايا النوادر التي يطرحها وتمسه والتي لا حصر لها!
تراجم كثيرة لجحا، وقد ذكر اسمه في جميع اللغات وكتب التراث ودوائر المعارف، ويقال إن عمره تجاوز المائة عام.
وقد ذكرت بعض المصادر في مجمع الأمثال: أحمق من جحا!
لكن هناك بعض الناس تظن أن جحا مغلوب على أمره مكذوب عليه كل هذا الموجود في التراث من قصص ونوادر وحكايات!
في كتاب «المضحك العبوس» ذكر أن اسم جحا يترجح ما بين نوح وعبدالله أو الهجين بن حارث أو الرجين بن ثابت.
وهناك من يقول إنه: تيمور لنك، أو جنكيزخان.
لكن المتعارف عليه الآن أن جحا (رجل) يظهر في زمان ومكان في كل عصر وأوان يرسم النكتة ويبدد الأحزان ويرسم البسمة على الشفاه، صانع الأمل والنوادر، مزيل الألم بالنكتة والضحكة، وليكن جحا هذا هو ما اتفق عليه العامة.. جحا الإنسان المرح الضحاك.. صاحب الضحكة والحكمة.
ما أحوجنا في الزمن الكوروني الكفيدي 2021 إلى جحا!
ولأسباب كثيرة منها فسيولوجية الضحك لعلاج الناس اليوم مما أصابهم من الكورونا والمتحورة الهندية.
صدقوني، ما بقي إلا يظهر علينا جحا بحلوله الألمعية وحكمته وعمامته وحماره.
وصدق من قال: لا يبلغ المرء الشهرة وهو مستلق على سرير من ريش،
٭ ومضة: من يستعرض حياة جحا يبتسم، لهذا تمنيت أن يكون جحا بيننا الآن خاصة مع وجود الحمقى والمغفلين والصعاليك والانتهازيين في زمن كثرت فيه الفتن، ومن كثرة الفتن صرنا نقول: (إن البقر تشابه علينا..) فما المخرج يا جحا؟
الوقت يمضي.. لا أبدا للأسف فإن الوقت يبقى ونحن نمضي!
٭ آخر الكلام: إن الرسائل التي ترسل وتصل تجعلنا جميعا نفكر هل نحن بحاجة إلى (منفذ للحس ومنفذ للفكر)؟
تعبنا من عائق الحس والشعور، حس الجماهير، وعامل شعور التقصير والخيبة!
٭ زبدة الحجي: ما أحوجنا إلى جحا وإلى عودة (المسرح) مثلما كان في البدايات يوم عالج مسرحنا (كاتب ـ ممثل ـ مخرج) ويقف وراء هؤلاء (جمهور مثقف عظيم) قادر على حماية المنطق الإنساني ورسالته في عالم الضحك ورسالة الواقع!
تبقى الحقيقة: جحا قد يكون شخصية خيالية من التراث الشعبي في كثير من الثقافات القديمة، ونسبت إلى شخصيات عديدة، كما أوضحت عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة وموجودة في أدبنا العربي، وقد أسعد الناس بنوادره وحكاياته، ويتمتع بروح الدعابة والحكمة وأضحك الملايين من الناس، وأعتقد لو أنه وجد وعاصرنا اليوم وعاش معنا في (جائحة كورونا) لعرفنا حجم صبره وتحمله لكل هذه التطبيقات الاحترازية والإجرائية وكيفية التعامل مع (الفايزر واسترازينيكا وغيرهما).
نعم.. كنتَ أشهر من نار على علم، لكن الحقيقة فإن الشهرة قتل لصاحبها في الحياة، وحياة له في الممات!
رحمك الله يا جحا، فلقد سمعت في الميديا والتواصل أنك توفيت من أخذ اللقاح والتطعيم.
أرجو ألا يكون هذا الأمر إشاعة طال عمرك.
أتمنى لك العيش الكريم مع الثلاث الهندية لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم!
وصدق من قال في المثل الشعبي: الصيت الحسن ولا المال المكنوز!
في أمان الله..