[email protected]
في جائحة كورونا 20 - 2021 برز وتصدر «الكمام الطبي» على الوجوه الخائفة والمتوارية أو المجبورة على لبسه، وصار من ضروريات الحياة، فلا تستطيع أن تدخل مكانا عاما أو خاصا أو رسميا أو مولا ولا سوقا إلا به، كما أن الكمام صار من (الكماليات الثمينة) في إطار الالتزام العالمي الذي اجتاح المجتمعات والشعوب، وجعل الحكومات تؤكد على ضرورته وأهميته في التدابير التي تمنع انتقال فيروس كورونا في كل مجتمعات العالم وتحول بقدرة قادر إلى ضرورة قصوى يمنع العطس والسعال، ونحمد الله على نعمه الكثيرة حاربوا (النقاب) في كثير من البلدان وصار الناس كلهم من لابسي الكمام، وبالتالي هم الأقرب إلى النقاب الطبي!
إذن، نحن أمام حقيقة أن (الكمام) تخطى قضية غسل اليدين والتباعد البدني لأنه في حال (الزحمة) يبرز كخيار أول لأنه في بعض الأحوال خاصة الأماكن المفتوحة يستغنى عنه غير أنه أيضا يدفع نازعه (غرامة) تختلف من بلد الى آخر!
على العموم، أعتقد، والله أعلم، أن (الكمام) يناسب كثيرا من الحكومات في وطننا العربي الممتد من الخليج العربي الى المحيط!
أتصور أن الكمام جاء رحمة لكثير من الأنظمة العربية التي تحب الصمت والتكميم!
عشنا أكثر من زمن وحقبة ورأينا في حياتنا من أحبوا جدا سياسة تكميم الأفواه، وعلى العموم من منظورهم أن التعقيم مهم في جائحة كورونا، ويتمنون أن يستمر إلى ما بعدها، وعليه لابد أن تعدل الخرائط القادمة القائمة على ضرورة الاستمرار في سياسة التكميم، وعليه نتمنى أن تنتبه برلمانات العالم العربي إلى أهمية وجود إقامة «مصانع تكميم» لضمان بقاء لكل (مواطن عربي) كمامة حتى لا يكثر الصراخ والاحتجاج والاعتصام من دون هذه الكمامات التي تطبق على الأنفاس!
٭ ومضة: بفضل جائحة كورونا التي انتشرت في الوطن العربي كله ظاهرة لبس الكمام، وصار لزاما ضرورة هناك (كمام أزرق) أو أسود يجعلنا مثل الطوارق الرجال الملثمين!
لقد تابعنا، كل منا في بلده، كيف (توسع وتمدد وانتشر الكمام) وصار «مانشيت» للصحف والمجلات ومحطات الأخبار والقنوات الفضائية في متابعة «صفقات الكمامات أو أزمة الكمامات»، صار الموضوع (تجارة) وتسيد الكمام عما سواه، والكل والحمد لله «تكمم» وكممّ وجهه مما منعه من الكلام!
أتصور راح يدخل «الكمام» المناهج العربية لأنه يحمل معاني باتت غير خافية، فهو أخفت (أصوات الأمة) فالكل متكمم ولا ترى تعابير وجهه، وبالتالي ضاع المتجهم والمعارض من الأداء الحكومي والبرلماني العربي، وصار المواطن العربي ملثما وتعابير وجهه خافية تحت هذا الكمام الملون!
لثم الوجه لاقى قبولا واسعا عند الساسة العرب والبرلمانيين وأصحاب الحراك السياسي، وهذا ينسجم مع حالة (الفساد المكموم) الذي انتشر في نطاق دولنا العربية وفي كواليس التسميات، حيث صار الكمام لثاما له صلة مباشرة برسم حالة الرضا إذا شاهدوك «لابسه» أما إذا كنت «نازعه» فإن حالة من التجهم القصوى تصلك، وقد يصل الأمر الى دفع «الغرامة» وربما السجن!
قال الشاعر:
لولا اللثام اللي على الوجه ملموم
كان النحل يجني من أطراف فمها
٭ آخر الكلام: صورة الكمام على الوجوه العربية تختلف عن وجوه غيرهم، وإن كانت قلة أو كثرة تنتقد (الكمام) غير أن الكمام حصل على ارتياح من الساسة العرب بكل فئاتهم، لأن التكميم (صحة) وقائية من الجائحة والكلام الزائد، خاصة إذا ما عرفنا أن العقل (كمم) يعني باللغة العربية (الستر - المنع - السد) وهكذا يكون الكمام بكل جدارة الضامن الأول لتكميم الأفواه ولتحصين الأنظمة من العدوى من تفشي وباء الحراك الجائحي وغيره ممن يعتبرونه من (الأمراض) الواجب منعها إضافة إلى الفيروسات!
قال الشاعر:
عيوني من لثامي وبرقص تشتاق
إذا شافت بساتين الهوى والورود
ينبض قلبي كياني سحرها والمذاق
ينسيني من الدنيا همومي واللحود
٭ زبدة الحچي: أنا أفكر في عمل رابطة (الكمام العربي) بس خايف من الحالات المصاحبة من احتجاجات وعصيان وما ينتج عن كل هذا من شك وريبة من (نظام الكمامات) خاصة في زمن (التزعل) على التطعيم!
لن ينتهي «الكمام» أبدا مع ذهاب جائحة كورونا، فلقد بين خيره، فالكثير من «طوال الألسن» سكتوا في الجائحة ما يجعل هذا الكمام أداة فعالة للزوم الصمت، وهو المفضل في المراحل القادمة!
لقد رأينا «كمامات بكل الألوان» فلقد ظهر الرئيس إيمانويل ماكرون بالكمام الأزرق مفتخرا بأنها فرنسية الصنع أمام تلاميذ المدارس، فيما ظهر اليساريون في فنزويلا بكمامات حمراء، وارتدى مناصرو حزب الخضر كمامات خضراء، فيما لبست نائبة رئيس حزب فوكس الاسباني المتطرف ماكرينا أولونا كمامة خضراء عسكرية!
ونحن على أبواب توديع «جائحة كورونا» ومظاهرها نرى ضرورة بقاء (الكمام) الذي ستر من العيوب ما لا يعلمه إلا الله!.. فكل الوجوه متشابهة!
كما أنه «طيب» لترويض الشعوب بالتقيد بلبسه لأنه من التدابير القمعية المستجدة التي تناسب هوى تكميم الأفواه والتضييق على الحريات، فلا صوت وعليك ارتداء الكمام بعيدا عما يسمى بحقوق الإنسان ولنصرخ معا.. هل الكمام شكل من أشكال العبودية قادم لشعوب الوطن العربي؟
أنا أشبهه بمسدس كاتم الصوت!
في أمان الله..