[email protected]
امس الاول الأربعاء 23 من صفر 1438هـ الموافق 23 نوفمبر 2016م وارى ثرى الكويت كريمة من بناته عن عمر يناهز الـ 66 عاما، بالأمس ودعت الكويت أختي مي عبدالرحمن الفارس - بنت الأكرمين الذين رحلوا.
لقد فقدت أسرة الفارس والكليب ومجموعة كريمة من العوائل يصعب حصرها (أم الجميع) الفقيدة التي تُفتقد (أم مواهب) وهي بالفعل جمعت (أمومة المواهب) كلها وأخذت معها كل الحبابة والحنان والشموخ والإطلالة الحانية على الجميع.. إنها مي، وهي تعلمون من هي مي؟
ولدت في چبله عام 1950 وتربت في كنف جدها سلطان إبراهيم الكليب طيب الله ثراه ومثواه.
تخرجت في جامعة الكويت تخصص جغرافيا ولم تعمل وظلت «ربة بيت» لأسرتها وتزوجت في عام 1974 وعاشت مع زوجها في بيت والده سيد عبدالوهاب سيد يوسف الرفاعي وزوجته منيرة النصف، وكان دائما همها إرضاء زوجها وبره، وبعد غيابه صانت بيته ونجحت في تربية بناته.
إذا كان اسم مي علماً مؤنثاً ويلفظ «ميّه» فهي تُذكر في كل المعاجم القديمة وفي حنايا قلوب أسرتنا وصديقاتها، ولا عجب فاسم (مي) يُطلق على الغزال الصغير، وهو صفة في عينيّ الغزال أو جارية صغيرة، ومعاجم تذكرها بأنها أنثى الوعل، لكن (ميّنا) غير رحمها الله، كانت تأخذ من الغزالة وداعتها، ولنلاحظ أن اسم (مي) قصير جدا، وهذا ما تعشقه الأمهات فما بالكم أن التي أسمتها (مي) هي العمة الوالدة الجليلة دلال سلطان الكليب، ووالدها الحادب على دينه- المغفور له بإذن الله- العم عبدالرحمن الفارس طيب الله ثراهما، وأجزل الثواب والمغفرة لنسلهما.
لقد رثيت أختها المربية الأستاذة لطيفة عبدالرحمن الفارس- أم حمد- رحمها الله، ورثيت فقيد الديرة والدواوين العم عبدالعزيز عبدالرحمن الفارس- بوسعود-، ورثيت أيضا فارسة الديرة مريم عبدالرحمن الفارس- أم وليد- رحمها الله وجعل قبرها ومن سبقها روضة من رياض الجنة، ومثواهم الفردوس الأعلى من الجنة، أسرة كريمة ترتبط شعبيتها بحبهم لأهل الكويت وتلمُّس حاجات الناس، وتواضعهم، ومرد هذا الورع في الدين للعم عبدالرحمن الفارس، والخال العم عبدالله الكليب- طيب الله ثراهما-.
وأعود لأسطِّر مآثر هذه الفقيدة مي عبدالرحمن الفارس، وهي زوجة الشهيد وهو كذلك - ولا نزكي على الله أحدا - فوزي سيد عبدالوهاب سيد يوسف الرفاعي وهو لا يزال مقيدا ضمن سجلات الأسرى والمفقودين، وأم بناتي العزيزات «مواهب- منيه- منيرة- مضاوي- مريم».
كلنا يذكر أن زوجها الشهيد فوزي الرفاعي- رحمه الله- خرج من دبي أثناء الاحتلال العراقي الغاشم، وأتذكر أنه كان قد قام بإجراء عملية كُلى وقلب سنة 1989، وقمة الوفاء عندما تبرعت له بإحدى كليتيها عام 1989، وسافر دون أن تعلم مي أنه الوداع الأخير مع هذا الزوج الشهيد الذي ترك لها البنات لتكون «الأب والأم معاً».
وعظمة هذه الزوجة الصابرة عندما فجعت بخبر أسره من القوات العراقية صبرت وتفرغت لتربية بناته، وكانت قمة سعادتها يوم ظهور ابنتها مكرمة من قبل أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد رحمه الله.
عانت غاليتنا (مي عبدالرحمن الفارس)، رحمها الله المرض الخبيث (سرطان الدم)، وكانت كما سبقتها أخواتها الصابرات على قضاء الله فلم تجزع، وكانت دائما تطمئن الجميع أنها بخير، لأنها في حقيقة الأمر كانت (أماً ليس ليتيماتها فقط) وإنما (أم للجميع).
حباها الله الدفء العائلي، الكل يحبها ويجد فيها (ريحة أمه) لحبباتها وصدق مشاعرها مع الجميع، ونحمد الله سبحانه أنه عز وجل بلغها زواج بناتها من خيرة (رجال الكويت)، ورأت أحفادها والله يعين حبايبنا من بنات وأولاد وأحفاد على فقد هذه الفقيدة، التي أراها «خيمة» ظللت الجميع بمحبتها، ويا مال الجنة يا مي، وستبقى المنصورية والنزهة في حزن دائم عليكِ!
أنا والله أعزي اخوانها جميعا من أسرة الفارس الكرام، وعلى رأسهم العم عبدالله الفارس - أبو عبدالرحمن - ابن الكويت البار تاج رؤوسنا ووسام صدورنا وأيضا عائلة الكليب وكل العوائل المرتبطة بها نسباً ومعرفة، وأعرف مكانتها عندهم، ولكنه الأجل المحتوم ولا راد لقضاء الله، الله يعين (نسايبها وهم أولادها) الأخ خالد التوحيد، والأخ عبدالكريم الصقر، والأخ أحمد السمحان، والأخ عبدالوهاب القطامي، كل هؤلاء الكرام كانت تعدهم أولادها وهم بالفعل كذلك قولا وعملا وجزاهم الله خيرا وتبقى وصيتها (بناتها) وهم عند رجال (سيوف مجربة) بإذن الله.
الله يصبر الأحفاد (مي سميتها- فوزي وفيصل- حمد- طيبة- دلال- عمر- غالية- محمد- فوزي- بدر- فوزي)، الله وحده يعين ويصبّر البنات والأحفاد على الدخول الى بيت النزهة وملكة البيت الحبيبة الغالية «مي» قد غادرته وهذه الدنيا الفانية!
قال الشاعر:
فإن ينقطع منك الرجاء فإنه
سيبقى الحزن ما بقي الدهر
ولا أجد في هذه العجالة خيرا من أن أتضرع الى العلي القدير أن يسكن أختنا (مي) فسيح جناته، وأن يتقبل دعائي ومعي الإخوة والأخوات والصديقات المحبات وأهل الكويت الأوفياء الكرماء.
قال الشاعر:
وعشاق هذه الدار من أهل ديرتي
لهم من حياة الأمس درس وتذكار
اللهم أنزل صبرك وسلوانك على أهلنا الفارس وجميع العوائل التي ذكرتها، فالمصاب جلل و«مي» زوجة الشهيد فوزي الرفاعي فقيدة تفتقد، وتستحق منا جميعا الدعاء الخالص لوجه الله، وما هذا الكم من المعزين في رحيل الفقيدة الغالية إلا لمكانتها في نفوسهم، وهي محبة لا تُقدّر بمال ولا ثمن، بل دليل محبة لهذه الأسرة الكريمة، أسرتها، أسرة العم عبدالرحمن الفارس، وهي دليل محبة صادقة لكل أفراد هذه الأسرة المؤمنة بقضاء الله وقدره، وهذه سنة الحياة.
الرحمة والمغفرة الواسعة لهذه (الـ ميّ الحنون الحانية الغالية)
ويقول الشاعر:
الى الله أشكو فقد فقيدتي
كما شكا الى الله الوالدين يتيم
أيتام العمة مي عبدالرحمن الفارس ليسوا بناتها وأحفادها وأنسباءها، ولكنهم أسر كريمة في كل بيوت الكويت، فإلى رحمة الله يا مي (الفقيييييدة)! والدعاء لك في مثواك وإلى جنة الخلد بإذن الله ومعك جميع أمواتنا رب ارزقهم فسيح جناتك.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)