[email protected]
هذا ليس لغزا، ولا فيلما هنديا، ولا اسما من المافيا، وانما «محامي بورمي روهينجي» سقط بطلقات مسلح أصابه في رأسه بينما كان ينتظر سيارة الأجرة بعد عودته من رحلة مع وفد حكومي زار اندونيسيا.
وكان المحامي «كو.. ني» من الأصوات التي تنادي بالتسامح الديني والتعددية فكان هدفا لرهبان بوذيين طالما أهدروا دمه بعد تزايد مشاعر العداء في بورما بتحريض من «قوميين بوذيين متشددين» فكان هذا الاغتيال السياسي!
ورغم ان الشعب الروهينجي المجاهد في حالة حرب مع الحكومة والجيش البورمي «المستقوي» عليهم بعدته وعتاده، فإنهم لم يقوموا بقتل هذا المحامي الذي حاول جاهدا (ولا نزكي على الله احدا) ان يخدم قومه ويمد يده للسلطة التي اراها هي التي اغتالته بتشجيع من الارهابي البوذي المعلن والخفي!
الاغتيال زاد التوتر بين المسلمين والبوذيين في بورما خاصة بعد تزايد نشاط الكهنة البوذيين والناشطين السياسيين في الرابطة الوطنية الديموقراطية للحزب الحاكم منذ الانتخابات التي جرت في نوفمبر 2015 وما حصل فيها من «تضييق وتزوير للأقاليم الإسلامية في أراكان»!
الحكومة البورمية الآن في «حالة من الحرج السياسي» بعد مقتل هذا المحامي «المسلم المعتدل المتوازن الوسطي» حيث فقد الحزب الحاكم مستشارا قانونيا خاصة بعد ان أدلت ابنته «ين نوي خاينغ كوني» للتلفزيون البورمي قائلة: «كثيرون يكرهوننا لأننا نعتنق ديانة مختلفة» وتقصد الإسلام!
والسؤال الذي يطرح اليوم بقوة هل فعلا البوذية (تسامح)؟ اذن هذه الاعمال الاجرامية ماذا نسميها؟!
بينما كتبت الموفدة الخاصة للأمم المتحدة الى بورما في تغريدة لها على «تويتر»: انه أمر رهيب وعلى اونغ سان سوتش كشف ملابسات موته!
ولم تذكر الشرطة المحلية حتى هذه اللحظة دوافع الاغتيال رغم انها قبضت على الفاعل وقالت في تصريح مقتضب انه خرج من السجن في 2014 مستفيدا من عفو رئاسي بعد ان أمضى «احد عشر عاما» في السجن بسبب سرقة تماثيل بوذا!
بالأمس، صرح زعيم الحزب (حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية) تين او الذي زار عائلة المحامي وقال: خسارة كبرى للبلاد وللقوى الديموقراطية ولحزبنا مقتل هذا المحامي المسلم!
قال تعالى: (.. إنه لا يحب الظالمين ـ الشورى: 40).
ومضة: عصابة «ماباثا» التي تضم بوذيين متطرفين تتجه اليها أصابع الاتهام لأنها المسؤولة عن تأجيج الكراهية ضد المسلمين وتقوم عناصرها بارتكاب كل محرم في الروهينجيين بدعم غير محدود من «الجيش البورمي» الذي يتبع سياسته الأرض المحروقة مع «مسلمي الروهينجيا».
وأرى أن ابلغ درس من الاغتيال القول المأثور: «الشخص الذكي هو الذي يستفيد من اخطائه واخطاء غيره»، بمعنى لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين!
البورميون البوذيون لن يتغيروا أبدا في احقادهم وأطماعهم ضد الاقلية المسلمة التي يتهمونها من اصل بنغلاديشي!
كل منظمات العالم الحقوقية تتهم هذا الجيش والعصابات البورمية بقتل وتعذيب واغتصاب شعب اراكان والذي يتعرض لأشرس حملة تطهير عرقي في منطقة آسيا بشهادة كل المنظمات الدولية غير الحكومية.
آخر الكلام: مقتل المحامي يثير اليوم كما كبيرا من التساؤلات ولعل من يتابع تقارير «منظمة هيومان رايتس ووتش» وما يقدمونه من تقارير وصور يعرف ان «مسلمي بورما يتعرضون للإبادة» اليوم على مشهد ومرأى من العالم كله وكل التقارير تشير في وضوح لا لبس فيه الى «دور الجيش البورمي وعصابات البوذيين» في حملة التطهير العرقي ضد الروهينجيا وهي جرائم تستوجب ان يقوم العالم كله بوقف هذه «الجرائم البورمية» التي ترتكب ضد الإنسانية هناك وما يصاحب هذا من ابتزاز وفرض قيود على حرية الروهينجيين وممارسة شعائر دينهم وعدم تمكنهم من الحصول على الرعاية الطبية والتعليمية، وان الظلم الحقيقي اراه حين تظلم الحقيقة، والحقيقة ان شعب الروهينجيا يتعرض لتصفية علنية امام مرأى من العالم الذي وقف ساكنا للاسف!
زبدة الحچي: حكومة وجيش ميانمار يمنعان دخول الصحافيين والإعلاميين بحجج واهية، رافعين شعارات زائفة مثل «اقرار السلام والمصالحة الوطنية» وهما في حقيقة الأمر يقومان بأكبر حملة تطهير عرقي لروهينجيين في ولاية راخين (اراكان) المسلمة، ان الصور التي نشاهدها في «الميديا» تدين الحزب الحاكم والجيش وروابط الرهبان البوذيين، حيث أظهرت ايضا الأقمار الصناعية عمليات حرق واسعة لمئات منازل الروهينجيين دونما حصولهم على الحد الأدنى من المساعدات وأعمال الإغاثة، وعلى الدول الإسلامية ضرورة التحرك لتعيين «مراقبين مستقلين» يدخلون بورما لكشف الحقائق بعد ان منعت بورما دخول الإعلام الخارجي الى أراضيها.
آن الأوان لتحرك إسلامي عالمي ينتصر لمسلمي الروهينجيا في بورما في جنوب شرق آسيا وعلى الدول المحيطة بهم استقبال هذا الكم من اللاجئين والمهاجرين خاصة «تايلند وبنغلاديش» ويكفي هذا العبث من إغراق اللاجئين والمتاجرة بأعضائهم في السوق السوداء! ولسان حال الشعب الاركاني البطل يوجه لوما وعتابا مراً لأمة الاسلام المغيبة.. لولا محبتكم لما عاتبتكم!
وشكرا لماليزيا التي أدانت عبر إعلامها وتحركها السياسي حملات «التطهير العرقي ضد أقلية الروهينجيا المسلمة» في بورما.
والسؤال: أونغ سان سوتش رئيسة الحكومة البورمية أأنت حاصلة على «جائزة نوبل للسلام»؟!
فخامة الرئيسة إما انك بالفعل ان توقفي هذه الجريمة النكراء على «الأقلية المسلمة» أو ترجعي الجائزة لأصحابها بعد تزايد الانتقادات الدولية عليك بصفة شخصية لعدم تدخلك ضد عمليات الجيش ومنع العصابات البوذية بتطبيق أقسى الجزاءات!
فخامة الرئيسة! جزء كبير من الشعب البورمي يباد أمام ناظريك، وعليك إما ان تتعاوني مع المجتمع الدولي لوقف «المجزرة» او تستقيلي!
يبقى قول الحق سبحانه: (.. ألا لعنة الله على الظالمين ـ هود: 18).
قال الشاعر:
عانيت من شر الصداقة ما كفى
وشربت كأس الغدر من كأس الوفا
فإذا خشيت أذى عدوك مرة
فاحذر صديقك مرتين إذا صفا
ذهب المحامي البورمي الروهينجي (كو.. ني) الى خالقه ملطخا بدمائه ولا نزكي على الله احدا.. والاتهام لبورما البوذية فقط!
أما أنتم يا أهلنا في بورما، فان الله وحده معكم، ولا نملك إلا الدعاء لكم.. لأننا أمة مهزومة!