[email protected]
في عام 1983 صدر تقرير أميركي يُحذّر من أن «أميركا في خطر»، بالنظر الى ان التعليم ضعف، وان المدارس قد تدنت مخرجاتها. هنا صدرت الصرخة.. واليوم يمكن ان نصدر صرخة مماثلة: «أمتنا في خطر»، لكن ليس بسبب تدني التعليم فقط.. إنما ايضا بسبب التسلط!
أي أُمة يسودها التسلط فهي في خطر!
داء التسلط بدأ ينتشر في كل مناحي حياتنا وأخطر ما في هذه الظاهرة القبيحة ان «جيلا كاملا يناظر ويراقب ويقلد»!
لم يعد التسلط الذي أقصده لحاكم بذاته!
ولا لوزير بعينه!
ولا نائب بشخصه!
ولا مدير بمنصبه!
الموضوع أكبر بكثير مما نشاهد لأن «ظاهرة التسلط» في تزايد، وهناك متسلط ثم يتبعه متسلط آخر بمرتبة أقل وهكذا!
كانت مجتمعاتنا تتكلم عن «الرجل المتسلط»!
اليوم أنا أضحك وأنتم تضحكون لأننا نعيش الآن «زمن تسلط الحريم»!
والقضية أكبر لأن جيلا كاملا يعيش اليوم معنا يمارس كل أنواع التسلط واسألوا الآباء والأمهات!
أين الخلل في هذه القضية الأخلاقية «التسلط»؟!
كلنا نعرف ان التسلط مرض عضال غير سوي يظهر نفسه وكأنه قوة ظاهرية وهو في حقيقته ضعف داخلي مرده لفقدان الثقة بالنفس مع الأسف!
أعرف ان هذا كلام ثقيل لا يتحمله الكثير لأننا «نحن اليوم أمام سيكولوجية تسلط» تشمل كل مراحل حياتنا وصار هناك «هوس تسلطي» شمل كل المناصب التي نتعامل معها في حياتنا اليومية.
إذن التسلط فرض رأي أيا كان هذا الرأي وهو لعبة أزلية مارسها كثيرون وسيمارسها آخرون قادمون!
وسيزداد عدد الضحايا لمن يملك بيده القرار والتفرد والتسلط والتجبر والأنانية ودون أي مرونة مع الأسف!
ومضة: هناك اليوم رموز للتسلط صعب ترويضها ويتحملها الطرف الآخر بحكمة وصبر، لكن السؤال: إلى متى؟!
نحن لا نعيش بمفردنا، الحياة تقتضي أن تفهمني وأفهمك لا أن تدوسني وتفرض ما تريد في طاووسية وعنجهية وهذه صفة لا تخص الرجل وحده، بل كثيرات من النساء يتصفن بهذه الصفة الذميمة وهذه صفة ان سيطرت في «مجتمع ما» دمرته دون النظر للمشاعر!
ومضة: نحن نعيش زمن حب السيطرة والتحكم وهي ظاهرة بارزة في مجتمعاتنا العربية وأكيد لها انعكاساتها السلبية على المجتمع والأسرة لأن التسلط يقود إلى فقدان الثقة بالنفس وهدم القيم المجتمعية، وأسوأ أنواع الاستبداد أراه في مدير يمارس الظلم والاستبداد في أكبر قطاع وجهاز تحت إمرته!
آخر الكلام: نحن بكل صراحة «أُمة في خطر»!
فكثير من التسلط بدأ يسوس حياتنا وبدأ الشعار البايخ «أنت مو معي.. إذن أنت ضدي»!
وعن أسوأ أنواع التسلط أراه في الزوجة المستبدة النكدية!
زبدة الحچي: التسلط الزائد عن الحد أعتبره مرضا نفسيا وله أكيد تبعاته وأضراره على المجتمع والدولة ثم الأمة برمتها.
ما أحوجنا إلى ثقافة «الإنسان الكامل» الذي أعتبره نواة طيبة لمجتمعاتنا والقادر على فرض الهيبة والطمأنينة في آن واحد دون الحاجة الى ما نشاهده من كل أنواع التخلف التسلطي في شتى مجالات حياتنا، ما يجعلني أدعو الى حالة الاستقرار المطلوب والتطور الشامل بعيدا عن التسلط!
نعم.. نحن أُمة في خطر، لأن التسلط إن استمر فله تأثيره السلبي على ضحاياه لأنه مدمر للأحاسيس الباحثة عن الأمن والناشدة احترام الذات وعدم الخوف. ورحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
فإلى كل من تسلّط واستبد.. نحن في خطر!