[email protected]
المستعبطون في الأرض.. وما أكثرهم!
بالكويتي يمكن تفسير مفردة «بيستعبط» بـ «يتغيشم»!
إذا قلت إننا اليوم نعيش «الاستعباط» بكل صوره وأشكاله وألوانه، وهناك كثير من شعبي مقضيها «استعباط»! لم أتجاوز الحقيقة!!
مصيبتنا كبيرة في الكويت بعد أن زاد الاستعباط عن حده بمعنى أن (الكل) يضحك على الكل! إلا من رحم ربي و(قليل ما هم)!
وصارت شعوب كثير من دول العالم تمارس الاستعباط بحرفية فتزج بك في متون الخطوب وتتوقف متفرجة!
نحن في الكويت مرت علينا عقود ظل فيها (العقل الكويتي) حبيسا بين أوامر المحافظين وحراك العلمانيين والليبراليين!
ثم ظهرت فئة ثالثة من (أهل الاستعباط) سادوا المجتمعات وبرزت نجوميتهم في سماء غياب العقل!
واضح أن عندنا كما من الشباب من الجنسين يمارس الاستعباط بشكل منقطع النظير، فبات الكل يشكل فلسفته الخاصة به من اجل تحسين صورة الحفيد والولد والبنت وبذلك نكون منفذين للأمر دون تفكير وتظل الحياة تسير بنفس المنوال بعد غياب القدوات!
قالوا في المعجم العربي: استعبط، يستعبط، استعباطا فهو مستعبط، استعبط الولد ادعى العباطة، تعبط البائع الولد ظنه أو جعله عبيطا.
في العامية المصرية نجد (العبط) الغفلة والجهل وتعادلها كلمة الاستهبال!
وما اسميه بالتبهنس!
الحقيقة ان حكوماتنا العربية عيشتنا صچ خاصية الاستهبال فهي تمارس الاستعباط خلال سنوات طويلة من الاستقرار وفي حالة صدق مع مصالح الكبار!
أفكارنا اليوم هي عنواننا وهذا الهجين المشوه هو نتيجة منطقية لعمليات تسفيه العقل الممنهجة التي جعلتنا للأسف ننتهي الى شتم المخالف بأنه (متفلسف)! وكثير هم من يستعبطون!
أرى، والله أعلم، ان اهم مسببات الاستعباط هم الناس نفسهم الذين سكتوا عن عمليات الاستعباط حتى صارت واقعا وسوقها حتى صارت تجارة!
ان الجاهل ليس من لا يقرأ ولا يكتب، وإنما هو من يعلم جيدا ولا يقرأ ولا يكتب ويدعي (الامية) وهـو كاذب مستمتـع بكذبه!
لقد صرنا اليوم نقف وراء استعباطنا بعد ان تهافتت الآراء وصار البطل الحقيقي من يستعبط الناس ويحقرهم ويصعد على رؤوسهم بطلا بغير منازع بعد ان مارس الاستعباط على اوسع نطاق لأنه يمارس الاستعباط في متعة لأنه فاهم بروحه ما يفعل!
ونظرة واحدة إلى (الميديا) التواصل الاجتماعي تعرفون ما أقصد!
باختصار لقد حولوا الاستعباط الى انبساط، فساد الاستعباطيون! والفانشستيون!
تريدون أمثلة من الاستعباط!
ـ هذا الناخب الذي يذهب إلى مقر الانتخاب ويعلم يقينا أن هذا المرشح فاقد الأمانة والقيم والأهلية وينتخبه ليفوز!
ـ هذا الموظف المستأمن على وظيفته ويرتشي ويقبض مالا حراما ليرضي جشعه!
ـ المدرس الذي يهمل رسالته ولا يعطي مهنته حقها ويضيع جيلا كاملا بدروسه الخصوصية! والاستعباط الأكبر من وزارة التربية الساكتة عن هذه الدروس!
ومضة: ما أحوجنا الى العودة الى الحقيقة فهي كالنور لا تخفى، فسارق الحقيقة ومسوق الاستعباط كسارق الشمس، لابد ان يحترق بنارها!
أيها المستعبطون تذكروا قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».
آخر الكلام: لا ارى صعوبة في ذكر وقول الحقائق لكن (المشكلة) في الصعوبة في اعلان الحقائق والحقيقة كي تراها تحتاج الى عين نسر!
قال الشاعر:
أستغفر الله عن لغو وعن خطأ
والله يعلم أن العبد خطّاء
وأستجير به من كل معصية
أخفّها كبر مغرور وإيذاء
زبدة الحچي: ما أجمل الشاعر اللبناني جبران خليل جبران الذي سبق عصره يقول: الحقيقة التي تحتاج الى برهان هي نصف حقيقة!!
تبقى النصيحة للمستعبطـين: لك من الله المقت ومن الناس اللعن بعد ان تتعــرى نتيجة استعباطــك وأنـت في كامــل قــواك العقليــة في زمن طاشت فيه العقول وزاد فيه الفضــول وســاد الاستعبــاط!