[email protected]
حولت لي بدالة «الأنباء» قارئة تطلبني بالاسم ورفعت سماعتي وكلمتها، ودار الحوار التالي:
هي: السلام عليكم.
أنا: وعليكم السلام.
هي: أستاذ يوسف أنا تزوجت.
أنا: مبروك إن شاء الله.. آمري.
هي: عندي استشارة لو سمحت.
أنا: تفضلي.
هي: تزوجت زواج مو تقليدي.
أنا: شلون يعني.. ما فهمت؟
هي: زواج دم، شكينا أصابعنا بإبرة ولصقناهم!
أنا: هذا إرهاب مو زواج، ضحكت على حياء، وقالت: ارتبطت بشاب كويتي واقترح أن نتزوج (زواج الدم) ووافقت وشك إبهامي بإبرة ووضع إبهامي ملاصقا لإبهامه واختلطت دماؤنا، وقال لي أنت الحين زوجتي!
وساد صمت طويل: أنا من (الصدمة) وهي تعتقد أنها (زوجة) بزواج صحيح.
وبادرتها بحدة: بالله ماذا فعلت؟ هذا زنى مو زواج!
أهذا هو (زواج الدم) من أفتاك؟ وكيف؟ وين أهلك عنك؟ أسئلة غاضبة.
فقالت: نعم وأجرنا شقة في «الرقعي» وأنا أعيش معه تحت سقف واحد!
قلت لها: يا مقرودة أولا هذا ليس بزواج وأنت تعيشين معه في الحرام!
واختلاط دمكم هذا اثم ثان، افحصي لعله ما يكون مصابا بمرض خطير ونقله لك!
وأنت من الآن تبلغين أمك بوضعك وهو يفاتح أمه والحل ان تذهبا الى (المأذون الشرعي) وتعقدا عقدا جديدا موثقا صحيحا وبه شهود وإشهار!
قالت: يعني ما في زواج دم؟
قلت: يا ابنتي هذا ليس (زواجا)!
قالت: والحل برأيك فقط ما ذكرت؟
قلت: لا.. هناك مؤسسات حكومية وشعبية تهتم بمثل هذه الموضوعات الاجتماعية وتساعد في حلها لأنها تساهم في استقرار التنمية الأسرية.
سكّرت المكالمة وأنا أدعو لها بأن يوفقها الله في حل هذه الكارثة التي دخلتها باسم (الحب) المظلم الجائر الذي أدخلها في نفق مظلم وهي ذات 19 ربيعا وكانت تحلم بفارس على خيل أبيض يحملها الى بيت الزوجية.
ومضة: سمعنا ورأينا «زواج الدمى»، وهذا سوق يتعاظم الآن في العالم وله زبائنه، لكننا لم نسمع بزواج الدم!
إنني أكتب اليوم عن قضية قد تكون ولله الحمد غير رائجة، ولكن هناك ضحية وربما تنتشر هذه الثقافة الملعونة التي تسمى بزواج الدم!
إن على الأمهات على وجه التحديد فتح حوار مع بناتهن وتحذيرهن من هذا اللازواج!
آخر الكلام: منذ أن كلمتني (أم زواج الدم) وأنا أدعو لها في كل صباح بأن يسهل لها رب العالمين الحل وتتزوج زواجا طبيعيا وأن تتخلص عاجلا غير آجل من هذا (الإثم المحرم) الذي ارتكبته مع (الشريك) الجاهل أو المستفيد، الله أعلم بالنيات!
زبدة الحچي: الزواج في أعرافنا وعقيدتنا وشريعتنا وملتنا يعني الاقتران بحضور (شيخ) معتمد من السلطة المدنية والمجتمعية يسمى المأذون الشرعي وبحضور شاهدين وولي الأمر طبعا وحضور وإشهار، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
كل الأديان جاءت لتنظم هذه العلاقات الإنسانية ضمن المعاملات التي منها الأحوال الشخصية وتشمل (الميراث والزواج والطلاق والنفقة..).
قارئي الكريم: اعلم أن هناك اليوم الكثير من الزيجات ومن الصعب حصرها وكثير منها باطل وليس له علاقة بالزواج الصحيح المبني على شروط الشريعة الغراء، والدليل هذه الفتاة الساذجة التي كانت تعتقد أن ما يسمى (زواج الدم) صحيح!
يبقى أن أذكر أن هناك (زواج دم) وهو عرف عشائري موجود في بعض محافظات العراق وهي تنص على: «زواج إحدى بنات العشيرة المعتدية الى الشخص المعتدى عليه أو أحد أقاربه بـ «الثأر»، وفي أغلب الأحيان تعيش (الضحية) خلال هذا الزواج تحت ضغط نفسي صعب»!
واليوم مع التطور الإنساني بدأ ينقرض هذا الزواج الباطل!
والجميل أن قانون الأحوال الشخصية اليوم يجرّم هذا «العرف» بعقوبات رادعة لا تزيد على عشر سنوات أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
خلاصة القول إن زواج «الشفرات» الحادة المسمى بزواج الدم وهو جريمة «زنى» وطقوس هذا الزواج بتلاصق الأصابع وامتزاج الدماء إنما هو الدخول الى عالم الإيدز الفتاك!
وآخر ما سمعت أن هناك اليوم زواجا هو زواج «الطوابع».
لا تضحكوا.. مراسيم الزواج .. كل شاب وفتاة يشتريان (طابعا) بريديا ثم يلصق على (جبين) كل منهما وتنتهي مراسيم الزواج!
وسط تبريكات الشباب والأصدقاء الذين يساعدون على تحمل مصاريف تكاليف الزواج.. الآتي أعظم!
كل يوم الدنيا تجعلنا نقول الحمد لله، في زمن زواج الكاسيت والدم والوشم من الأنكحة الصورية!
السؤال: وين جمعيات المجتمع المدني لتوعية الناس والبنات على وجه الخصوص؟!