[email protected]
في الحياة ونحن نعيشها تصادفنا مترادفات من الكلمات بينها متشابهات وأيضا مختلفات وكأن المعنى واحد.
خذ مثلا: المهابة والكِبر.. ما الفرق بينهما؟
في الحياة نشوف الراجل المهاب والرجل المتكبر فأين التشابه وأين المختلف؟
شوف، المهابة أثر من امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله، فإذا امتلأ القلب بذلك حلّ فيه النور ونزلت عليه السكينة وألبس رداء الهيبة فاكتسى وجهه الحلاوة والمهابة فأخذ بمجامع القلوب محبة ومهابة، وحنت إليه الأفئدة وقرت به العيون وأنست به القلوب، فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور وعمله نور، إن سكت علاه الوقار، وإن تكلم أخذ بالقلوب وبالأسماع.
أما الكِبر فأثر من آثار العجب والبغي، من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم ترحلت منه العبودية ونزل عليه المقت، فنظرته الى الناس شرر، ومشيه بينهم تبختر، ومعاملته لهم معاملة الاستئثار لا الإيثار (تفضيلك الآخرين على نفسك) ولا الإنصاف، ذاهب بنفسه تيها، لا يبدأ من لقيه بالسلام، وإن رد عليه رأى انه قد بالغ في الإنعام عليه، لا ينطلق لهم وجهه ولا يسعهم خلقه، ولا يرى لأحد عليه حقا، ويرى حقوقه على الناس ولا يرى فضلهم عليه، ويرى فضله عليهم، لا يزداد من الله إلا بعدا، ومن الناس إلا صغارا وبغضا!
ومقارنة أخرى: ما الفرق بين الحزم والجبن؟
الحازم: هو الذي قد جمع عليه همه وإرادته وعقله، ووزن الأمور بعضها ببعض فأعد لكل منها قرنه، ولفظة الحزم تدل على القوة والإجماع ومنها (حزمة الحطب) فحازم الرأي هو الذي اجتمعت له شؤون رأيه وعرف منها خير الخيرين وشر الشرين، فأحجم في موضع الإحجام رأيا وعقلا لا جبنا وضعفا، يقول الشاعر:
وعاجز الرأي مضياع لفرصته
حتى إذا فاته أمر عاتب القدرا
وهناك مفارقات ومقارنات بين الشجاعة والجرأة، والاقتصاد والشح، والاحتراز وسوء الظن، والفراسة والظن، والنصيحة والغيبة، والهدية والرشوة، والصبر والقسوة، والعفو والذل، والثقة والعزة، وهي من حال المغتر الذي غرته نفسه والشيطان، وبين الرجاء والتمني، وفرح القلب وفرح النفس، ورقة القلب والجزع، والمنافسة والحسد، والموجدة (الإحساس بالظلم) والحقد هو إضمار الشر وتوقعه في كل وقت وهكذا كثيرة هي المقارنات.
ومضة: الفرق بين الحب في الله والحب مع الله، يحتاج منا جميعا إلى وقفة عميقة التفكر لأن هذا من أهم الفروق، وكلنا بحاجة لمعرفة الفرق بين هذا وذاك، فالحب في الله هو من كمال الإيمان، والحب مع الله هو عين الشرك، والفرق بينهما ان المحب في الحب تابع لمحبة الله، فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة ان يحب ما يحبه الله، فإذا أحب ما أحبه ربه ووليه كان ذلك الحب له وفيه كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأولياءه لكونه تعالى يحبهم، ويبغض من يبغضهم لكونه تعالى يبغضهم، وعلامة هذا الحب والبغض في الله انه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبا لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضا اذا وصل اليه من جهته ما يكرهه ويؤلمه، إما خطأ وإما عمدا، مطيعا لله فيه أو متأولا أو مجتهدا أو باغيا نازعا تائبا!
آخر الكلام: كلام عميق المعاني يحتاج إلى قراءة متأنية كي تفهمه وهو ما اعتبره أصل التوحيد وكمال الإخلاص ومحبة الله.
زبدة الحچي: أصعب المقارنات ما بين معوز فقير وتاجر غني، فالأول يقول: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ـ يوسف 86) والثاني يتمسك بقوله: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ـ الأعراف 188).
ما أجمل أن نختم بأولياء الرحمن ونتعوذ من أولياء الشيطان.
داعين لمرضاة الرحمن على السبع المثاني:
برئنا إلى الله من معشـر
بهم مـن سمـاع الغنــا
وكم قلت يا قوم أنتم على
شفا جرف ما به من بنا
فلما استهانـوا بتنبيهنـا
رجعنا إلى الله في أمرنا
فعشنا على سنة المصطفى
وماتـوا على تنتنا تنتنا
هذا هوـ والله ـ الحال الإيماني والحال الشيطاني، فلا تجعلنا اللهم من غفل قلبه عن ذكرك واتبع هواه وكان أمره فرطا ولا تجعلنا من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، إنك سميع الدعاء وأهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل.. في أمان الله.