[email protected]
رحلة لا تعادلها رحلة أبدا!
نعيش هذه الأيام بدء الإجازات المدرسية والربيعية وأعياد الكريسماس، وألقي الضوء على سفرة الأسفار ورحلة الرحلات، وأقصد بها رحلات العمرة التي يقوم بها أصحابها أو تبرعا من أهل الخير.
العمرة والحج بلا منازع هما (رحلة الرحلات) لما فيهما من تهذيب للنفوس وتزكية وتقرب من الله عز وجل.
يا سعد وكبر حظ من استعد لأداء (العمرة) والتكبير والتهليل حبا وقربا من الله عز وجل في قوله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم...)، إنه والله عمل (يغبط) المرء عليه لأنه ذاهب الى الله تبارك وتعالى.
أتمنى أن تكون سطوري (إبهاجا للمعتمر) بكل ما فيها من تجربة وتهذيب وموعظة وتذكير.
الله سبحانه وتعالى يحفظ كل من عزم على أن يأخذ أهله الى (العمرة) ليمارس في مدرسة المعتمرين التوبة النصوح بكل فوائدها ما بين فقه متين وعلوم نافعة، وعبادة وموعظة رقيقة، ورؤية البيت العتيق، ورؤية أفواج المعتمرين في بيت الله الحرام، فيعيش عبر (العمرة) وما بها من دروس وحكم وعشرة أناس جدد، وقصص ومواقف ووصايا وخطب فينشرح صدره، قال الشاعر:
بنفسي ذاك الروض ما أحسن الحيا
وما أحسن المصطاف والمتربعا
فإلى كل من عزم على أن ينضم الى موكب المعتمرين الكرام، تعال معي في هذه (النزهة) في عالم الأسفار الدينية والرحلة العجيبة الى بيتيّ الله في مكة المكرمة والمدينة المنورة لمناجاة (رب البلد الأمين) ورب العالمين.
الله.. يا كبر حظ من استعد لهذه (الرحلة الإيمانية) في هذه العطلة، فما أعظمها من رحلة! خاصة أولئك الذين يمتطون (الباصات) وليس الطائرات لأن الجو صار باردا والصحاري اخضرت من كثرة المطر وأصبحت الأجواء عبقة لضيوف الرحمن!
لكم الحق أن تفرحوا يا من حملتم (حقائبكم) (جوا وبرا وبحرا) لتنضموا الى أزكى طوابير الطائفين والمحرمين المعتمرين!
يا الله.. ما أعظمه من مشهد! الكل يلبس الأبيض محرما، ورؤوس المحلقين والمقصرين (تلمع) في النهار والمساء مع ركب الطائفين وصوت الملبين وأنين التائبين وتأوه الخاشعين ومناجاة المنكسرين، وهمس العابدين!
وصدق من قال:
فأجيــبوا إجابة لم تقع في المسامع
ليس ما تصنعونه أوليائي بضائع
تاجروني بطاعتي تربحوا في البضائع
يا الله.. يا لجلال الموقف وروعة العظمة في بيت الله الحرام في مكة المكرمة.
هناك أيها القراء الكرام، تتجلى (روح المساواة) والأخوة والمشاعر (لا عصبية ولا قومية ولا إقليمية)!
هناك الذكريات الغالية لسيد البشر (حبيبنا وقدوتنا) سيد الخلق محمد بن عبدالله وصحبه الكرام وآله الأطهار.
هناك كلما استدار الزمان في دورته لزمت (إحرامك) وطلبت التوبة والمغفرة من الآثام والأوزار!
أيها المغادرون الى (عمرتكم) مرددين تلك (النغمة الرائعة) لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.. اذكرونا وادعوا (للكويت) التي منها خرجتم لأداء عمرتكم ولا تنسوا أهليكم ودياركم من فضل الدعاء.
٭ ومضة: من لا يعتمر ويحج من الكويت فلن تتسنى له (الفرصة) مثلما هذه الفرصة المباركة بأسعارها وسهولتها وصحبتها، إنها (بركة الكويت) (ايه والله) فلا تلوموني إن أسميتها (زهرة المدائن) تدوي بكرمها وفضلها على كل من يذكر لها الفضل ولا ينكره ويبوح به ويفخر ويعتز!
٭ آخر الكلام: سلامنا لعروس الرمال مكة المكرمة وللمدينة المنورة، وسلامنا للرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما.
لكم جميعا أفواج المعتمرين أن تفرحوا وتعيشوا أياما لا تتكرر أبدا على بساط مكة والمدينة، حيث تتساوى الرؤوس ما بين الملبين.
٭ زبدة الحچي: أيها المعتمرون، هنيئا لكم اختياركم بالعمرة ولا تنسونا بالدعاء وأنتم في لباس الإحرام، يقول ناصر الزهراني:
يا لحظة من أجمل الأوقات
لمّا أتينا مسجد الميقات
ننوي لمن يعلم بالنيات
بالحج والعمرة في إخبات
ما أروع الجموع وهي تأتي
منيبة من سائر الجهات
جاءت وفود من بني الإسلام
مسيرها للبلد الحرام
وقد لبسنا ثوبي الإحرام
وكلنا فقر الى العلام
أيها المعتمر، عندما تدخل مكة المكرمة وحين تصل الى المسجد الحرام قدّم رجلك اليمنى قائلا: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.
وأنت في عمرتك يستحب أن تضطبع، وهو أن يخرج الرجل كتفه اليمنى، وان ترمل في الأشواط الأولى، وهو المشي مع تقارب الخطى عند الخط الأخضر، وإذا أتممت الطواف سبعة أشواط فتقدم الى مقام إبراهيم عليه السلام ثم صل ركعتين.
في الركعة الأولى (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد).
اشرب ماء زمزم ثم الى المسعى لتسعى ما بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم تقصر شعرك أو تحلقه، والمرأة تأخذ من شعرها قيد أنملة.
وبهذا، تكون عمرتك قد انتهت بإذن الله، وإن يسر الله لك زيارة المدينة المنورة فهذا كرم رباني!
لا تشغل نفسك بالأسواق كثيرا وركز في العبادة فإنها أيام معدودات.. أوصيكم أيها المعتمرون بالمحافظة على النظام والنظافة والدقة في التعامل مع الوقت ومعرفة قيمة المكان والزمن.
أسأل الله العلي العظيم أن يوفقكم لمبتغاكم بأشخاصكم وأجسادكم ومرافقيكم وأن يجمع قلوبكم ويغفر لكم ويوحد كلمتكم وصفوفكم.. ربما أكتفي بهذه السطور وإلا فأسرار العمرة وعجائبها عظيمة وكثيرة.
قف ببطحائها قبالة بيت الله
واخشع فإنها البطحاء
بارك الله حولها واجتباها
فزكت في صعيدها الأنبياء
عمرة مقبولة وتقبل الله وذنب مغفور إن شاء الله.
أيها المعتمرون وأفواج الرحمن والقرآن.. هنيئاً لكم هذه العطية الربانية.