[email protected]
.. ورحل كعادته صاحب النفس الأبية الخيّرة في صمت!
ترجل صاحب الخلق وحسن المعشر طيب القلب!
بقلوب راضية مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، تلقيت «خبر وفاته» من خلال «تويتر» وقلت لمن حولي في مسجد «هيا الابراهيم»: اليوم توفي أخي وشيخي ومعلمي الأخ عيسى عبدالوهاب العيسى ـ الحبيب الصامت الباسم دائما!
عرفته ونحن نجتمع عند شيخنا الإمام محمود عيد ـ طيب الله ثراه ومثواه ـ عندما كان يعزمنا في كل رمضان بشقته في الصالحية ويحضر معي نخبة من الأحباب يتقدمهم الأخ نادر عبدالعزيز النوري ـ بوعبدالله والمستشار سالم البهنساوي والشيخ سيد نوح - رحمهم الله جميعا.
المرحوم بإذن الله الأخ عيسى عبدالوهاب العيسى أنموذج فذ من القادة العاملين في صمت وهمة في سبيل الدعوة والخير، وما من مناسبة دعوية إلا وتجده بابتسامته في المقدمة (مُرحبا بك بكل التواضع الجم) الذي عرف به وبشخصيته «الحبوبة» وعطائه الكبير في الدعوة والعمل الخيري والتطوعي، وهو بالفعل «أحد الرموز الكويتية الصامتة»!
ما من مجلس علم للعلماء إلا وتجده في الصف الأول، وكان ـ رحمه الله ـ اذا صعد المنبر أو أعطي الميكروفون تجده خطيبا مفوها تشهد له قاعات المساجد والدرس، وهو في «الكرم والحبابة» لا يجارى ولا يبارى، وكم من إنسان في الكويت نال منه «المحبة والقرب والمساعدة»، أما في العمل التطوعي فهو صاحب عمل صامت، وكلنا يذكر جهوده في حملة الحج التطوعية!
كان يعجبني في الملمات، قليل الكلام ومشهود له بـ «الكرم والفزعة»، من اجل إسعاد الفقراء والمساكين والايتام، وكان تاجرا ينطبق فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم «سمحا إذا باع وإذا اشترى» لا يرد سائل حاجة.
٭ ومضة: يوم كنت مديرا للاعلام بالهيئة الخيرية الاسلامية العالمية، كان على اتصال بي خاصة اذا كان لديه عمل خيري في جنوب شرق آسيا، وكثيرا ما يقوم بالإشراف على اكثر من مشروع، وأتذكر انه عقب التحرير سافر الى تايلند مع وزير العدل ووزير الاوقاف والشؤون الاسلامية شيخنا وأستاذنا القدير المستشار راشد الحماد لافتتاح مركز الكويت الثقافي التابع لجمعية الرعاية الاجتماعية في تايلند، ومعلوم ان هذا المشروع دعمه اهل الكويت من المحسنين والعوائل الكويتية لمساعدة اخواننا المسلمين في تايلند وغيرها من البلدان.
رحمك الله، يا عيسى عبدالوهاب العيسى، فقد كنت احد ابرز المتبرعين الكرام من ورثة العم عبدالوهاب العيسى، وايضا المرحوم بإذن الله ابراهيم الجريوي .. رحم الله كل من تبرع من أهل الكويت لمثل هذه المشاريع الخيرية التي رفعت اسم الكويت عاليا.
٭ آخر الكلام: يا حنان يا منان يا واسع الغفران، اغفر وارحم شيخنا وأخانا الحبيب عيسى عبدالوهاب العيسى، أوسع مدخله، وأكرم نزله، اغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس..
يا رب.
٭ زبدة الحچي: استرد الله امانته في شيخنا الحبيب الأستاذ القدير عيسى عبدالوهاب العيسى، وهو ـ والله ـ من العظماء العاملين في صمت عجيب، واقول من العظماء، وهو «يكره» هذا اللفظ لأن العظماء الحقيقيين ليسوا هم الذين ينجزون الأعمال العظيمة فحسب وإنما هم الذين يشقون لمن بعدهم الأعمال العظيمة، وهو لم يقصر في هذا الأمر.
هو ـ والله ـ كما قال الإمام الشافعي: «أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره.. وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله».
كان يعرف ويعمل ويؤصل ان العظمة الحقيقية هي المسؤولية الاخلاقية والخيرية والتطوعية وهكذا هو فهم العظمة التي لا تكتمل إلا اذا كانت باقية وخالدة!
رحمك الله يا عيسى عبدالوهاب العيسى، وتغمدك بواسع رحمته وأنزلك منازل الصديقين والصالحين والأطهار في الفردوس الأعلى من الجنة، وألهم أهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان.. وتسقط دمعة.