[email protected]
من الشعراء الكويتيين الذين أحب أشعارهم وألجأ إليها بين فترة وأخرى إذا ضاقت بي الدنيا بما رحبت الشاعر الكبير الراحل العم سليمان الجارالله - رحمه الله - فقد أهداني أخي بدر سليمان الجارالله (موسوعة ديوان الشاعر) الكاملة وهي خمسة أجزاء ومصنفة حسب الحروف، وكتبت القصائد على مدى مساحة زمنية طويلة وتنوعت أغراضه بين الإخوانيات، فكتب عن أهله وأصدقائه وأقاربه متناولا المناسبات المختلفة وكتب وأبدع في الغزل، كما كتب في القضايا فأجاد، وما لفت نظري بالفعل (عفويته) في شعره، خاصة أن أشعاره تناولت (السمك) وسوق السمك في أكثر من قصيدة!
بالفعل شاعر عرف أن حب أهل الكويت للزفر لا يجارى ولا يبارى!
شاعرنا من مواليد (الصالحية) 1926، درس في المباركية وعمل في التجارة وعشق الشعر وتألق فيه ونشرت له الصحف والمجلات الكثير من قصائده داخل الكويت وخارجها، وترجم له الشاعر الكويتي الكبير خالد سعود الزيد - رحمه الله - في كتابه المشهور «أدباء الكويت في قرنين».
وبعد قراءتي لقصيدة الشاعر عن (سمك النقرور) الذي يعشقه أهل الكويت ممن يحبون الزفر، أمثال: بدر بورسلي - حمد السعيد - خالد القبندي - عادل بندر - محمد الضاعن - خالد شميس، وغيرهم من الأصدقاء كثير كثير من الزفرين (محبي الزفر)!
تذكرت قصيدة أيضا لشيخنا خالد جمعة الخراز - بو الحارث ـ عن الچم!
وحتما سأعرضها لكم يوما!
وأعود الى شاعرنا سليمان الجارالله الذي كتب شعرا في (النقرور)، والناس هنا عندنا في الكويت يقولون من أكل (عين النقرور) يرجع الى الكويت، قال:
يا مادحاً سمك (النَّقرور) مفتخرا
به يُغني على النقرور جذلانا
الصهر أهدى (نقاريرا) فتهت بها
فكيف لو أنه أهداك غزلانا
يا شاعرا وله ذوق نُقّر لهُ
من كان يعرفه حضرا وبدوانا
جاء (الصبور) إليه لا نظير له
فيه من الدهن ما في الأكل أغرانا
فلفّه ثم أهدى منه والدة
لطالما منحته الحب ألوانا
لكنه لم يكن في الشعر يذكرُهُ
كمدحه (بنقارير) تبلانا
هذي (النقارير) مهما رحت تمدحها
لم ترق نحو الذي نهوى ويهوانا
كُفَّ الكلام فلا شيء يعادله
إن (الصبور) لذيذ أين ما كانا
إذا حلوا بطنه حشوا يزيد بنا
له الشهية تلق الكل جوعانا
نلنا به أكلة جاد الزمان بها
يرضى الجميع بها أهلا وخلانا
قل للفتى المادح النقرور من بطر
هون عليك أراك اليوم غلطانا
٭ ومضة: من يقرأ ديوان الشاعر سليمان الجارالله ـ طيب الله ثراه ومثواه ـ يعرف أنه يتأثر بسائر الأحداث ويكتب ببساطة وعفوية صادرة من القلب وألفاظه وكلماته وأشعاره كلها ذات إيقاع (كويتي) خالص.
٭ آخر الكلام: من جميل قصائده (أفضل الأسماك) وهنا يتناول أنواع السمك الكويتي المفضل عند أهل الكويت الكرام مثل: الصبور - الخباط - الميد، يقول:
ما في طعامي من الأسماك إن ذكرت
سوى الصبور لذيذ الطعم بالذات
وعن الخباط يقول:
لو كان أملس كـ (الخباط) ليس له
طعم كما الطين خال من شويكات
ويقول عن الميد:
كـ (الميد) حقا لذيذ كله دسم
قد قل شوكا خلا من كل عثرات
٭ زبدة الحچي: وقفت له عند قصيدة كتبها في عام 1987 عندما تم نقل (سوق السمك) واللحم والخضرة الى الشويخ بعدما كان داخل الديرة. والقصيدة طويلة أختار لكم هذه الأبيات:
يا ذا الوزير الذي أقصى بحنكته
كل الورى لمكانٍ عنهم نائي
سوق به كل ما نبغيه ندركه
كل الذي فيه يرضي رغبة الرائي
أمره كل حين استريح له
يزيد فيه ضجيج الناس أعزائي
كل يبيع ينادي حول سلعته
عسى بتصويته يحظى بشراءِ
هذه الطماطم حمراء لا مثيل لها
هذا الخيار وهذا خير قثاءِ
كما أمر على الأسماك طازجة
بل حية كالتي تغريك في الماءِ
قل للوزير إذا ما زرت دارته
وحفّهُ صحبة أصحاب آراءِ
أخطأت أنت ومن في الرأي وافقكم
كل يرى فعلكم ذا خبط عشواءِ
رحم الله العم الشاعر سليمان الجارالله - الذي أتحفنا بأشعاره القريبة من قلوبنا وتلامس مشاعرنا (الزفرة)!
أدعو قرائي في داخل الكويت وخارجها الى الدعاء للعم سليمان الجارالله وأنجاله والذي أمتعنا بأشعاره في هذه الليلة والنهار المبارك من يوم الجمعة.
شعراء الكويت مشاعر وقيم وأفكار وأشعار ومواقف وسيجد كل محبي (السمك) اليوم في هذه المساحة ما يريدون!
في أمان الله.