[email protected]
سنحت لي الفرصة والدعوة حضور مسرحية «موجب» على مسرح «دار المهن الطبية بالجابرية» أول من أمس (الجمعة) مساءً ولم أندم على حضوري لها.
الزار في المفهوم والذاكرة الكويتية هو (المس - الضرورة - التلبس) وهي حالات تُعالج بهذا النوع من «الغناء والاستنزال» القادم لنا من أفريقيا والحبشة على وجه التحديد، وهذا كله مرجعه إلى الصوفية!
ذهبت الى العرض الأول وحضرت للشاب المسرحي محمد الحملي وفرقته عرضهم المسرحي غير التقليدي والذي استطاع فيه الحملي أن يطلّع (ضُرورة) الممثلة المتألقة هيفاء عادل (أم صقر) بعد 20 عاما من الصمت!
لفت نظري الديكور المسرحي القادم لنا من الغرب، لكنه وفق مكونات مجتمعنا من تصاميم ومعلقات وألوان وموروثات تطابق زمنها الجميل الذي رحل!
حتى اللباس كان يتناسب مع مجريات الأحداث والزمان والمكان!
أنا أدعو هذا الشاب الكويتي الجميل المفخرة محمد الحملي لإزالة بعض الألفاظ من (النص) وإدخال مفردات مترادفة تؤدي نفس المعنى لكن من غير ابتذال أو تجريح، وهذا أولا فلا معنى لكلمة يا حمار!
أما ثانيا، فأنا أدعوه لوضع (خط أحمر) لثوابتنا الدينية فلا تعب على الإسلام، ويمكنك أن تنتقد المسلمين، وإياك أن تتطاول بالسخرية على (اللحية) لأنها سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم ويمكنك أن تنتقد سلوكيات الأفراد كما تشاء! ولا تسخر من «ضمة القبر» وهي التي ثبتت بأحاديث صحيحة موثقة.
أعجبني جدا أكثر من ثنائي في هذا المسرح الجديد والذي أراه بذرة خير لأعمال مسرحية قادمة فيها تجديد بدلا من الابتذال المسرحي الحالي بالألفاظ والحرص على جيوب الأطفال والشباب من نصوص هابطة المحتوى والمعنى!
من الثنائيات التي أعجبتني الفنان عبدالله الخضر وهو ممثل واعد قادم بقوة الأداء الجيد والموهبة، وأيضا شفت (سماح) وقد صقلتها التجربة وهي أفضل على المسرح من التمثيليات، وكذلك الفنانة أحلام حسن وأيضا الفنان عبدالله الرميان.
٭ ومضة: بالفعل، استمتعت على مدى أكثر من ساعتين من عمل مسرحي احترافي فيه تجديد في كل شيء بدءا من الديكور الى الأزياء الى الآليات المستخدمة وحتى الجمهور النوعي من (الشباب) وأسرهم الذي ملأ المسرح عن بكرة أبيه، والفريق برمته يستحق الشكر والثناء، أما الموسيقى فهي عالية جدا وصاخبة حتى بعض (الأصوات) المقصودة في بداية العرض وخلاله لا داعي لها لأنها (تخوف) الأطفال والشباب والعجائز ما لها داعي أصلاً!.. راح زمن الچراقي! الناس صارت تخاف من أصوات القنابل!
٭ آخر الكلام: مفردات النص فيها عمق مطلوب وتأخذك بعيدا الى معان أخرى مرادفة لها، وأنصح الشاب المسرحي المتألق محمد الحملي بأن يستعين بالمراقبين المسرحيين الجادين أمثال الأستاذ عبدالستار ناجي والأستاذ القدير عبدالعزيز السريع (أبومنقذ) وآخرين ليثري النص في المرات القادمة ويتفرغ هو للتمثيل والإخراج معاً!
٭ زبدة الحچي: تبقى الحقيقة أنني أدعو كل من فيه (استنزال) للذهاب الى هذه المسرحية التي تمثل نقلة نوعية في المسرح الكويتي من حيث الشكل والمحتوى والمضمون ليشاهد (أم سرور) هذه المرأة التي قاست الظروف المحيطة بها لتعيش في (خرابة) على الكفاف ولتدور الأحداث بعيدا عن الأحلام والآمال بامتهان (الزار) (صنعة وطقوسا) ولتحرك الشخوص (سرور - محمد الحملي) امتياز وتفوق في الأداء وبروز عبدالله الخضر (كممثل كوميدي واعد) وقد أعجبتني البنت الصغيرة (الدقم) وهي خامة طيبة في التمثيل هي ومن (أحبت) أرى فيه علامات نجاح كممثل قادم!.. وتحية للشطي على دوره الطبيعي في التمثيل!
خووش مسرحية بكل شيء وتحتاج إلى بعض التدخل في الملاحظات التي ذكرتها، وتبقى الحقيقة (فريق متناغم) أسعد جماهيره الغفيرة التي حضرت العرض أداءً وتنظيماً وفي جودة عالية ومن غير دعم حكومي للأسف!
عزيزي القارئ مسرحية تتعدى قضية الترفيه وتوصل رسالة مسرحية تبهرك بتكنيكها الفني والمسرحي، وفيها أجواء الماضي في عبق الحاضر، وأعتقد أن الناجح الأكبر هو الجمهور الذي حقق لهم هذا النجاح ويستاهلون عيال الديرة وبذرة من هذه النوعية في المسرح الكويتي بحاجة لها، وطبيعي أن ترتقي الكويت مسرحياً لأنها الرائدة في المنطقة ولها تاريخها، ومن رأيت اليوم يمثلون استشراف المستقبل المسرحي المرجو بعد ذهاب جيل العمالقة، رحم الله من توفوا وأطال أعمار من بقي منهم، كلهم أهلنا وتاريخنا وبهم نفتخر.