[email protected]
صعقني الأخ محمود مأمور البدالة بتحويله لي مكالمة من (قارئ) قبّحه الله وشُلّت يده يقول: إنه نادم إذ ضرب والده، ورماه إلى الحائط، من كثر ما ألجمني (سكت برهة لالتقاط الأنفاس) ثم نزلت عليه وكأنني أنا المضروب، وللأمانة لا أتذكر إلا أنني تحولت إلى «رشاش» من الكلمات القاسية بحقه حتى بكى وقال: ارحمني من تأنيبك لي!
وبعد هدوء العاصفة التي مررت أنا بها من هذا العاق ارتأيت أن أكتب لكل إنسان في هذا الكون، في الكويت وخارجها (والداك.. ففيهما فجاهد)!
إلى كل إنسان في مشارق الأرض ومغاربها، أكتب لكم مذكرا ناصحا لا شيء يعادل في الدنيا (الأم ـ الأب) أبدا أبدا أبدا.
اعلم ان كل إنسان رهين بيئته لكن الهمسة الى الجميع هذا الشعار الجميل (ففيهما فجاهد)!
إذا كان الوالدان موجودين (الحق) نفسك وبرّهما ونل رضاهما!
إذا كانا في ذمة الله، فاحرص منذ هذه اللحظة على تقديم (الصدقة الجارية) لهما أمواتا.
كل الأديان، الإسلام والمسيحية واليهودية، وحتى الأعراف الإنسانية تحث كل إنسان على عدم نكران (فضل الوالدين)!
ان الإحسان للوالدين من العبادة، وعلى كل المنشغلين عن الوالدين الالتفات الى هذا الجانب.
ليس هناك (بعد المسافة) فالإنترنت وفر كل الخدمات التي تمكنك من التواصل معهما أو أحدهما.
أما هذا الذي (ضرب والده) فإنني بعدما أسمعته أتركه للقراء الكرام!
قال الله تعالى في محكم كتابه: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا...) الإسراء الآيات 23 ـ 25.
أتوقف دائما عند تفسير قوله تعالى: (فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما).
يا الله.. كم هي كلمة كريهة (أُفٍ).
أيمكن أن يقول ولد أو بنت لوالديه «أُفٍ»؟
إنها (الكراهة) قول رديء غليظ (احنا إذا شممنا رائحة غير طيبة نقول على طول: أُوف أووف!
إذن في الآية النهي هنا لعظم المفردة.
فقط اترك هذه الحياة واختلِ بنفسك وتذكر شريطا من الصور كيف (تعب الوالدان) في تربيتك حتى صرت رجلا أو امرأة.. ألا يجعلك هذا (تشفق) على من ربياك وقدما أعمارهما لك؟!
ارجع إلى القرآن وتذكّر ما فيه من قصص الأنبياء وتعاملهم مع آبائهم مثل سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام!
إذا كانت الجنة عند أقدام الأمهات فإن دعوة الوالد لا ترد!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات لا تُرد، دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم ودعوة المسافر».
قارئي الكريم في كل مكان:
عود بنيك على الآداب في الصغر
كيما تقر بهم عيناك في الكبر
فإنما مثل الآداب تجمعها
في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
هي الكنوز التي تنمو ذخائرها
ولا يخاف عليها حادث الغير
إن الأديب إذا زلت به قدم
يهوى في فرش الديباج والسرر
٭ ومضة: إلى كل شاب وشابة في هذه الحياة، أتدع والديك يبكيان؟ بكاؤهما يهز عرش الرحمن وتضج له الملائكة في السماوات وأنت لاهٍ مشغول (مغيّب) بفراقك لهما.. احرص وعجل واركض وقبِّل (تراب أقدامهما) حتى يضحكا ويرضيا عنك!
إن فعلت رضي الله عز وجل عنك، وهنا أنت هزمت العقوق، لقد تعلمنا في أسرنا أن نحمد ونشكر من ربيانا ونحن في الصغر فنبرهما في الكبر.. وهذه من مكارم أخلاق الكويت والكويتيين فليست لدينا عجزة في الإيواء.
٭ آخر الكلام: من أكثر (العقوق) يا معشر الشباب هو أن تنظر إلى والديك بنظرة (نظرة شذر عند الغضب)!
لا تعتبر نفسك مساويا لهما!
احرص على تقبيل يد (أمك ووالدك) احتراما وإجلالا وتقديرا ولا تجعل الغرور يركبك فيدمرك!
من أقبح العقوق الذي وجدته في حياتي أن يتمنى (الابن) موت والدته ووالده ليرث!!!
حسَّن الله أخلاق شبابنا وأصلح نفوسنا وأكرم الله والدينا أحياء وأمواتا، وهدانا سواء السبيل.
٭ زبدة الحچي: اقرأ عزيزي القارئ كلمة علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقد ضرب لنا (المثل) الرائع في بر الوالدة حين قيل له: أنت من أبر الناس، ولا نراك (تؤاكل) أمك؟ فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما قد سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها!
لا عجب هذا من بيت النبوة نشأ في الإسلام وعرف حق أمه فقدم لها البر، أنت أيها القارئ الكريم، ماذا عساك أن تفعل لوالديك، بادر منذ اللحظة إن كنت عاقلا بالقيام ببر والديك وصلهما أحياء أو أمواتا، زر قبريهما وأكثر الدعاء لهما
زر والديك وقف على قبريهما
فكأنني بك قد حملت إليهما
قال الحسن رضي الله عنه: حق الوالد أعظم وبر الوالدة ألزم.
آه.. إن كانا أحياء لا تتردد قبِّل رأسهما واسكب الدمعة لعل الله يرحمك، ويعفو عن تقصيرك في حقهما، ولهذا كله نقولها ونذكر بها: (ففيهما فجاهد)!
قال الشاعر:
غذوتك مولودا وعلتك يافعا
تعل بما أجني عليك وتنهل
وإذا ليلة نابتك بالشجو لم أبت
لشكواك إلا ساهرا أتململ
اللهم ارحم واغفر لأمي ووالدي ووالديهم ومعي القراء الكرام.. في أمان.