[email protected]
من لليتيم الباكي؟
تشير الإحصائية العالمية إلى وجود 140 مليون يتيم في العالم؟
والراعي الأول للأيتام (النبي محمد صلى الله عليه وسلم) يقول: «أنا وكافل اليتيم في الجنة...».
وفي تصريح لوكيلة وزارة الشؤون بالإنابة هناء الهاجري لـ «الأنباء» في 7/4/2019 قالت: «الشؤون» ترعى 131 يتيما إيوائيا، والمحتضنون لدى أسر كويتية يبلغ عددهم 900 يتيم.
الأيتام شريحة من الضعفاء بيننا هنا في مجتمعنا، أو هم خارج كويتنا، لا يأبه لهم الكثير من الناس، خاصة بعد تزايد طغيان تكاليف الحياة المادية مما جعل العواطف تتقهقر وتتراجع أمام سطوة «الورقة النقدية» وضرورة احتباسها لحين ميسرة!
لكن تبقى هناك فئة كبيرة تصرف على الأيتام لأن هذا هو الباقي رصيدا للآخرة.
لكن مع كثرة الحروب والنكبات والمآسي التي نشاهدها على شاشات التلفاز ومع أشرطة الأخبار المذاعة عبر وسائل الإعلام يتزايد حجم الأيتام في العالم مما يتطلب مد يد العون لهم عاجلا غير آجل!
ونسج الشاعر السعودي عبدالرحمن العشماوي معنى جديدا للفقد واليتم في قصيدة «نظرة في شموخ اليتيم» قائلاً:
قالوا اليتيمُ فقلتُ أيْتَمُ مَنْ أرى
مَنْ كان للخلُق النَّبيل خَصيما
قالوا اليتيمُ فقلتُ أيْتَمُ مَنْ أرى
مَنْ عاشَ بين الأكرمينَ لئيما
وكلنا نعرف أن فقيد الأب يسمى يتيما، اما الذي ماتت أمه فيسمى لطيما!
وهذه مرحلة يمر بها كل انسان مع مرور الزمن يفقد والديه ويتبعهما ويبقى العمل الصالح.
في احدى المرات كنت في زيارة مقبرة الصليبخات، ووجدته من بعيد انسانا جالسا امام قبر، دنوت منه حتى لاحظت احمرار عينيه ونزول دموعه، فقلت: ما بك حبيبي؟ فقال: تركتني أمي ورحلت وبقيت الآن مع أب قاس وامرأة أب شيطانة لا تعرف الرحمة وتضايقني وتؤذيني، مازلت حتى هذا اليوم أذكره بعد أن خلع قلبي من مكانه وأبكاني في المقبرة وأنا اكتب على الورق!
يقول «أبوتراب» علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ليس اليتيم الذي قد مات والده
ان اليتيم يتيم العلم والأدب
الأحاديث والآيات التي تحثنا على رعاية «اليتيم» و«اللطيم» كثيرة، وخير ما أستشهد به لفضل من يعول يتيما (اي يربيه وينفق عليه): عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه، قال: كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر».
وكلنا يذكر الحديث الذي رواه سهل بن سعد رضي الله عنه: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى».
ونحن حين ندعو القارئ الكريم الى كفالة اليتيم واعالته انما نحتسب لك الأجر عند الله عز وجل، لأن الاحسان الى اليتيم سبب يدخلك الجنة وايضا النجاة من النار، وإعالة اليتيم تعطيك صفة الأبرار وهذا العمل الصالح ينفع ذريتك اذا مت ويحمي اليتيم من اللئام بكفالتك له!
وكما قال الشاعر:
والله أوصى باليتيم ووصله
برا وأوصى بالفقير المعدم
هذان في الدنيا شريكانا بها
في مأكل في مشرب في مغنم
٭ ومضة: كل الديانات تدعو الى حفظ ماء وجه اليتيم، اما الاسلام فزاد الى كفالته وإعالته وعدم الاساءة اليه وعدم أخذ ماله.
يا بخت ويا كبر حظ من كفل يتيما وساعده، واذا «وقف» على رجليه ومضى في الحياة احتضن ثانيا وثالثا...الخ.
محظوظ هذا الذي يعلم اليتيم ويحسن تربيته ليخرج عضوا صالحا في المجتمع، وأعرف العشرات ممن كفلوا «الأيتام» كخبيئة لهم ووفروا مالا له يتسلمه اذا اعتمد على نفسه وانطلق في الحياة، وبعضهم مرت به ضائقة مالية ولكنه لم يقرب مال اليتيم عملا بالآية (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ـ الإسراء: 34).
كل الشكر والتقدير للجمعيات الخيرية الكويتية المتفوقة في عملية احتضان الأيتام وترك الأثر.. مشكورين وما تقصرون، يجازيكم الله خيرا، والشكر موصول للذين توفوا رحمهم الله والأحياء، ولدينا في الكويت نماذج قدوة في احتضان الأيتام وتربيتهم.
٭ آخر الكلام: أي يتيم يريد منك عزيزي القارئ الكريم لمسة دفء ووضع يديك على رأسه، ان تحصل وقدرت، وأعرف «أُناسا» زاروا أيتامهم وهناك من يتواصل مع اليتيم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وهدفه في الحياة الآن ان يحنو على اليتيم ويأخذ بيده ويعلمه ويربيه وينفق عليه وكأنه احد عياله، وهنيئا للشعب الكويتي الكريم هذا الفعل المحمود!
يقول أحمد شوقي في قصيدته «قم للمعلم»:
ليسَ اليَتيمُ مَن انتَهى أبَواهُ مِن
هَمِّ الحَياةِ وَخَلّفاهُ ذَليلا
فأصابَ بالدُنيا الحَكيمَةِ مِنهُما
وَبحُسن تَربيَةِ الزَمان بَديلا
إنَّ اليَتيمَ هُوَ الذي تَلقى لهُ
أُمّاً تَخَلَّت أو أباً مَشغولا
٭ زبدة الحچي: أيها الأحباب الكرام في كل مكان وزمان، تذكر الآية الكريمة (فأما اليتيم فلا تقهر ـ الضحى: 9)، لأن «اليتيم» إنسان ضعيف يحتاج الى رعايتكم وعنايتكم ليشبّ انسانا صالحا سويا في مجتمعه وان تم اهماله تحول الى «مجرم» وخطر على المجتمع لأنه ناقم وحاقد وضائع دون توجيه!
في موقف مهيب، وقف حر كريم مخاطبا أبناء اخيه فقال: تبكون ومعكم الحق انه والدكم، ولكنني فقدت «اخوي وعضيدي»، هزتني العبارة انها «الأخوة والأبوة» في نفس واحدة!
هذه دعوتي لكم جميعا لأن تطيب خواطر الأيتام فيه أجر لا يعادله أجر في زمن الوجع.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. في أمان الله.