[email protected]
هذا العنوان المثير الذي يلفت النظر ليس (كويتيا) لا يخص جامعة الكويت، إنما هو كتاب صدر لمركز دلائل بعنوان «وهم العلمانية» كيف يتفاعل الطلاب المتدينون في السياق الجامعي في مدينة «مانشستر» التي أحبها وسبق أن زرتها وكتبت عن جامعاتها العريقة؟
د.ليديا جين ريد قدمت هذا الكتاب (أطروحة دكتوراه) في علم الاجتماع بجامعة مانشستر - كلية الدراسات الإنسانية في عام 2014، الكتاب يوضح صورة جلية للجو السائد في بريطانيا خاصة للطلبة ذوي الخلفية الدينية!
ومدى تأثرهم بالجو العلماني الذي يتيح الفرصة لمواجهة الإلحاد الجديد الذي بدأ ينتشر إعلاميا ودعائيا في السنوات الأخيرة، (وقد كنت أحسب أن الموضوع هذا خاص بنا نحن في المجتمع العربي والإسلامي)!
قرأت الدراسة العلمية ومؤشراتها، لاسيما في إعطاء رؤية خاصة بالطلبة وتفاعلاتهم المتوقعة في تلك الأحوال!
أطروحة الدكتورة ليديا جين ريد كشفت حقيقة تفاعل الطلاب المسلمين والمسيحيين واليهود في أرض الجامعة، وفيما إذا كان لمثل هذه البيئة تحديات لإيمانهم أو أنها معززة له، وذلك فيما يتعلق بالمساقات الدراسية والتفاعل مع الزملاء والاشتراك في الجمعيات الدينية أو الهيئات الدينية.. واضح أن القضية مو بس عندنا، هم كذلك مشغولون بها!
لقد كشفت الدراسة (حجم الإلحاد الجديد) وهو سمة مرتبطة بمجموعة من الكتاب الذين يتبنون الإلحاد وهم (ريتشارد دوكنز) Richard Dawkins ودانيل دينيت Daniel Dennett وسام هاريس Sam Harris وكريستوفر هيتشنز Chrstopher Hitchens وقد اتفق هؤلاء جميعا على أن (الدين لا عقلانيا، خاطئ، محمّل بالشرور) ويوصف ريتشارد دوكنز كثيرا بأنه الداعية الرئيسي للإلحاد الجديد!
وقد أظهر دعمه للجمعية الإلحادية في جامعة (كوليج لندن) في خلافهم مع اتحاد الطلبة على رفع صورة رسوم متحركة ساخرة على حسابهم في «فيسبوك» خاصة وأن البحث يشكل أساس هذه الأطروحة أجري بين عامي 2011 - 2013.
وتبقى الحقيقة أن المرحلة الطلابية دائما مستهدفة لأنهم الشريحة التي تمثل المستقبل!
٭ ومضة: في التصفح العميق للكتاب وفكر المؤلفة نجد أنها تحاول تسليط الضوء على حقيقة التخبط المادي والإلحادي والشكوكي، وكيف يتعامل الطلبة من أهل الأديان (إسلام - يهودية - مسيحية) مع تلك الأوضاع خاصة في سيطرة العلمانية على المجتمعات الغربية، وهذا بالضبط ما يجعلنا نقول إن لكل مجتمع تأثيره على صاحبه وفكره!
احنا اليوم عندنا چم فئة، الأولى رجعت إلى الدين، والثانية ألحدت، والثالثة نزعت الحجاب!
إن نظرتنا جميعا كعرب ومسلمين الذين ينظرون إلى الأمر من خارج المجتمعات الأوروبية (نظن) أن الجامعات (بيئات علمانية)!
وإنها رغم شيوع هذا الافتراض، إلا أنه لا تظهر أي علامة تشير إلى تراجع النشاط الديني في الحرم الجامعي!
مردُّ هذا الفشل إلى نظرية العلمانية وازدياد التعددية الدينية!
ومن ينظر إلى الأوضاع الجامعية الأوروبية يجد اشتباكات بين الجمعيات المسيحية واتحادات الطلبة!
وكذلك بين الجمعيات الإسلامية والإلحادية، خاصة بعد تنمر اليمين الأوروبي المتطرف!
ولهذا، سرعان ما تتدخل الإدارات الجامعية الواعية لوقف هذه المواجهات ما بين (المسلمين والمسيحيين واليهود)!
هناك (توتر عام) في كل جامعات أوروبا نتيجة توتر الأديان ومجموعاتهم الدينية النشطة، خاصة أن الأكثر انتشارا يكون بين الجمعيات المسيحية والإسلامية!
وهو توتر بين المؤمنين وغير المؤمنين خاصة عند الحوار ما بين الطلاب المتدينين والإلحاد الجديد!
إن حجج الملحدين الجامعيين اليوم في أوروبا وبريطانيا على وجه الخصوص في هذه النقاط: التطور كدليل على عدم وجود الله، الرغبة في إزالة الدين وانتقاد المتدينين والدين كمصدر للسلوك السلبي والعنيف، الأخلاق ابتدعها البشر.
٭ آخر الكلام: الحمد لله أن قوائم الطلبة في جامعاتنا مرتبطة بالدين، وأغلبية طلبتنا يحاربون الإلحاد إلا قلة ركبها الشيطان وأغواها وبدأت تتفاخر بهذا الإلحاد!
٭ زبدة الحچي: الكتاب يشكّل مراجعة في الأدبيات للواقع المعيش والتحديات التي تواجه الطلبة المتدينين في الجامعة، وهذا طبعا جزء من جدال طلابي واسع يتعلق بالتفاعل بين الدين والحداثة!
في الكويت رغم نشاط العلمانيين المتزايد خليجيا أيضا، إلا أن تأثيره محدود لأن إطلاق شبهة العلمانية على الشخص لا تزال مكروهة ومرفوضة إلا قلة يعلنون علنا انتماءهم لها إضافة إلى ما يسمون عبدة الشيطان!
هناك دين متزايد في العالم من كل الأديان، خاصة في المجال الشعبي، وهناك من يقدس معتقداته كما فعل رجال العلمانية!
الله يعين طلبة الجامعة، فهناك الكثير من البالونات والنظريات التي تحاصرهم، خاصة اليوم في قضية علم الوجود: Ontology أو نظرية المعرفة: Epistemology.
ما أحوج الجامعات في العالم كله إلى تطبيق السياق المؤسسي العلمي، وقد علمتنا الحياة أن الجامعة تحد للمعتقد الديني أو محفز له.
إننا في زمن (تشوش الحدود بين الدين والإلحاد)!
واضح لي سبب هذه الأطروحة وهما: (الدين - العلمانية)!
واستكشاف كيفية التطبيق الفعلي للعلاقة بين الاثنين في سياقات مختلفة ومن خلال وجهات نظر الطلاب الجامعيين من خلفيات (إسلامية - يهودية - مسيحية) وقد توضح للباحثة أن السياق المؤسسي الفردي يقوم بدور مهم في كيفية تدبير القضايا الدينية في الحرم الجامعي!
لقد آن الأوان أن يكون (الحرم الجامعي) محيّدا وبعيدا عن التسييس!
فإذا كان عند الغرب (العلمانية - والدين) مفهومان غالبا ما يظهران في علم الاجتماع بكونهما متعارضات متعاكسة وهذا يحدث الانقسامات!
هذا ما يواجهه الطلبة في مانشستر من تحديات قادمة!
أما نحن فلانزال بخير من هذه الناحية غير أنني أتمسك كتربوي بأهمية (عدم تسييس الحرم الجامعي حتى نضمن خريجين على جانب كبير من العلم والتخصص) بعيدا عن الإلحاد والسياسة!
لنجعل الحرم الجامعي بعيدا عن المنغصات، وليكن طلبتنا قادرين على التمييز ودمج إيمانهم مع مساقهم الدراسي ومستقرين في معتقداتهم الدينية ودعونا نعلم كثيرا ونربي قليلا كما نفعل، وآن الأوان أن نعكس الأمر.. في أمان الله!