[email protected]
هو غازي القلوب عنوة!
وهو غازي القلوب محبة!
وهو غازي القلوب ومحتلها برضاها!
تقولون لي: ومن ذا الذي (يغزو) قلوب الناس وضمائرهم ويحبونه؟
هو أخي الذي لم تلده أمي: غازي فهد بن هبلة الغانم ـ رحمه الله ـ «أبو فهد» الذي ولد عام 1953 في المستشفى الأميري وليرحل عن هذه الدنيا الفانية ايضا من المستشفى الأميري مبتسما كعادته مساء يوم الجمعة 27 صفر 1441هـ الموافق 25 أكتوبر 2019.
زاملته وتعرفت عليه في مدرسة صقر الشبيب وهو (مربٍّ فاضل) في حقبة الثمانينيات وكان مثالا يحتذى وقدوة لزملائه المعلمين وأبنائه الطلبة.
تعرفت عليه أكثر في أول حجة جمعتني به ومعي الأخ عبدالرحمن المطوع ـ بوفهد وكنا ثلاثيا متجانسا، وفي هذه الحجة عرفته عن قرب وأتذكر أننا في عام 1978 حججنا مع الحاج عامش المطيري ـ رحمه الله وبيض وجهه - وكانت وسيلتنا للحج سيارتي «التويوتا» البنية موديل كورولا، وقد فاجأتهم أثناء الطريق بـ «جدر مموش» طابخته الوالدة، رحمها الله، واليوم أتذكر دعاءه لها طوال الطريق وفي مشاعر الحج!
صاحبي غازي ـ بوفهد ـ شخصية هادئة ونادرة فهو يجمع ما بين الحياء الشديد ونبوغ العلم والحرص على عدم الإفتاء، وكان شديد التواضع، أتذكره في الحج أنني اقترحت عليهم أن نؤدي الحج مشيا فوافق، وكنت كثيرا ما أحاول أن أحمل ما في يده فيرفض، بل إننا أثناء إقامتنا في «منى أسبوعين» أراني العجب من فعاله، فهو يقوم من مجلسه ليساعد أحد الحجاج كي يتوضأ!
كان يرحب بكل قادم بابتسامته المعهودة ويقدم (قدوع التمر) الذي رافقه طوال حجتنا!
هو أكثر من هذا الكلام الذي أحدثكم به (محبا للناس دون تمييز) كان وجهه ـ سبحان الله ـ باسماً، لم أره في غضب أو زعل، وإنما في أقسى مراحل حياته وعمره (حامدا وشاكرا) لله عز وجل!
كان محبا لأسرته، شديد الدعاء لوالديه ذاكرا زوجته (أم فهد) في كل مواضع الدعاء ذاكرا فضلها، حامدا الله الذي رزقه من العيال (فهد ـ محمد ـ يوسف ـ عبدالله) وهم والله نعم التربية ونعم الأبناء برا بوالدهم وأمهم وأسرتهم.
«غازي القلوب» مارس التدريس والتوجيه ثم تقاعد ولكنه لم يترك في حياته الدعوة وكان دائما عونا لأسرته، وهو الذي وثّق تاريخ أسرته «مسجد بن هبلة بشرق»، وغيره من الأمور حتى غدا اليوم ديوانه في الروضة احد الملتقيات الطيبة لأنه كان يقود هذا «الديوان» لتحقيق أهدافه، ويعلم الله كم حزن إخوانه من رواد هذا الديوان العامر المستمر بإذن الله بقيادة «الفهد» وإخوانه إن شاء الله.
طوال حياته (غازي القلوب) وهو جامع لأهله وصحبه وجيرانه ومجلسه عبر حياته القصيرة، كان على الدوام رافعا شعار التوحيد، محافظا على الكتاب والسنة وعقيدة السلف الصالح.
صحبته أكثر من مرة الى (المخيمات الربيعية الدعوية) يوم كانت تستضيف (كبار رجال الدعوة) في المملكة العربية السعودية او من الكويت أو غيرهما أمثال الشيخ عبدالله السبت ـ طيب الله ثراه ومثواه أبا معاوية ـ والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والشيخ عبدالرحمن عبدالصمد والشيخ الألباني رحمهما الله وغيرهم كثير يصعب حصرهم.
كان محبا لمجالسة العلماء والقراءة عنهم متمسكا بشدة بالسُنة.
في ديوانه تجد كل الطوائف والشرائح الكويتية كبارا وشبابا ومن كل التجمعات، وكان شديد الوصل وفيّا لكل من عرفه فلم يقصر قط لا في عزاء او فرح، ويتواصل ويصل الجميع، ولا عجب اليوم ان دخلت منطقة الروضة ووجدتها دامعة حزينة على فراقه، فالكل متفق على حبه وهو كذلك نعم الرجل الصالح ولا نزكي على الله أحدا.
٭ ومضة: صعب تعداد أخلاقيات (الغازي)، فهو المتوكل على الله دائما المراقب لله عز وجل في السر والعلن، يعمل بالأخوة الإسلامية متبع لزوم الشرع واتباع أوامره، خصاله الفطرة، يصل الأرحام، كاظم للغيظ، ينهى عن النميمة والبغضاء ولم يعرف عنه أبدا (الخصومة) وكان يتجنب كل جدال، وينهى في مجلسه عن السب والقذف ولا يرضى بهما ما دام موجودا، يعطي الجيران حقوقهم، حافظا للنعم، حافظا لحدود الله، لا يعرف النفاق وينهى عن الغيبة والحسد المذموم في الشرع، وهو كريم جواد ما في يده لغيره، له فزات خيرية هي (خبيئته) وسأتجاوزها، خلقه الصدق والأمانة ورحمة الخلق والألفة، مجلسه (مجلس ذكر) وعِبر وآداب.
٭ آخر الكلام: صاحبي «الغازي» غزى الناس بحكمته، وشجاعته وكرمه وعفته «وعدله» وتواضعه.. رحمك الله أبا فهد فلقد أتعبت من بعدك بسمو خلقك!
٭ زبدة الحچي: الى كل قرائي في مشارق الأرض ومغاربها اني أتمنى عليكم الدعاء لأخي وصديقي «غازي القلوب» فأمنوا معي للمرحوم بإذن الله تعالى:
يا الله.. يا حي يا قيوم نسألك الرحمة والمغفرة للمغفور له بإذن الله تعالى «غازي».
اللهم يا حنان يا منان يا واسع الغفران اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم آنس وحشته واجعل قبره روضة من رياض الجنة ومنزلته الفردوس الأعلى من الجنة، أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين مع منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم لا تحرمنا ونحن ندعوك ولا تخيبنا ونحن نرجوك يا أكرم الأكرمين يا رب العالمين.
حزنت يا غازي لفراقك وفرحت لأنني أعلم انك تركت الفانية وأنت مستعد للآخرة.. وأتعبني رثاؤك لأنني أشعر بعجزي عن تعداد مناقبك أيها الغازي الكريم الحبيب!
يا مشتكي الهم دعه وانتظر فرجا
ودار وقتك من حين الى حين
ولا تعاند إذا أصبحت في كدر
فإنما أنت من ماء ومن طين
عظّم الله أجر الكويت وأسرته الكريمة وذويه ومحبيه بالغازي الوفي.
في أمان الله.. وتسقط دمعات على «الغازي» لقلبي وروحي.