[email protected]
قالوا: لا يبلغ المرء الشهرة وهو مستلق على سرير من ريش!
تقع عيناي أحيانا على تطاول موجه الى «الوهابية» من جهّال في «الميديا» يلمزون الشيخ محمد بن عبدالوهاب ويصفونه بالارهاب! وأنا متيقن لو سألت أحدهم أتعرف الشيخ؟
لنظر إليك شذراً! واستمر في تطاوله دون أن يعرف الحقيقة!
رغم ان الشيخ محمد بن عبدالوهاب اشهر من نار على علم!
لقد كلمني كثير من الأصدقاء المخضرمين أن أكتب «مقالا» عن المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ ليعلم الجهلة الذين يتطاولون على هذا المجدِّد في الدين انه صاحب دعوة حق وإصلاح وانه متبع للسنة وليس بمبتدع!
وان مذهبه هو مذهب السلف الصالح وانه لم يخالف في شيء مما عليه الأئمة أهل الفقه والفتوى وانه لم يأت بجديد وإنما هو مجدد لسنة المصطفى وما عليه سلف الأمة صيانة للدين والتوحيد.
قال الشاعر:
والخيرون على صمت يلقهم
رعب الطهارة من رجس ومن عفنِ
فمن هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب؟
هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن احمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف التميمي النجدي، ولد في العام 1115هـ في بلدة العيينة بالمملكة العربية السعودية في بيت علم وفضل.
تعلم مبادئ القراءة والكتابة في القرية، وكان كثير الاعتزال والاشتغال بالقرآن الكريم، وقد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل بلوغه العشر، وكان حاد الذكاء، وقّاد الفكر مجتهدا في تحصيل العلم والفقه في الدين، ولم يكن كغيره من الشباب والصبيان كثير اللعب!
حج الى بيت الله الحرام بعد بلوغه وزواجه ثم رجع بعدما اجتمع مع علماء الحرمين، ثم رجع مرة ثانية وجلس عند محمد السندي وهو من علماء المدينة، فالشيخ عبدالله بن ابراهيم النجدي ثم المدني، ثم رجع الى نجد ثم سافر الى البصرة وأخذ عن بعض العلماء اللغة العربية والتفسير والعلوم الاخرى، كما انه زار وأخذ عن علماء الأحساء أصول مذهبه (الحنبلي) وأصول الدين على عقيدة السلف.
عوامل كثيرة أثرت في فكر الامام المجدد في الدين محمد بن عبدالوهاب، منها انه بالأساس من بيت دين وجده سليمان عالم نجد الموقر.
ودرس على يد علماء فحول في المدينة المنورة والأحساء والبصرة، ومن مجلس أبيه في بلدة العيينة وحريملاء وغيرهما.
درس كتب ابن تيمية وابن القيم حيث كان لهما اكبر الاثر في حرية آرائه وتفكيره، وكان ابرز مشايخه والده الشيخ عبدالوهاب، وهو من فقهاء نجد وقاضيا نجيباً من قضاتها، وايضا أخذ من علماء العراق في التفسير والحديث وايضا مشايخ الحرمين من أمثال السندي والمدني والنجدي، رحمهم الله.
اذن، اصل التسمية «الوهابية» جاءت من السلفية واسمهم الموحدون، ودائرة المعارف البريطانية عرفت الوهابية بأنها: اسم لحركة التطهير في الإسلام، والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم ويهملون كل ما سواه، وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح، وهذا ما كتب في التعريف نصاً!
بعض المستشرقين كتبوا ان محمد بن عبدالوهاب من أمراء الدرعية لتحقيق الدعوة الحنبلية التي دعى اليها ابن تيمية في القرن الرابع عشر.
حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب كانت تخليص الناس من الخرافات والتبرك بالقبور والأشجار والأحجار وتجريد الدين والتوحيد، وجل هدفها العبودية لله عز وجل دون شرك.
لقد جاهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب في قومه ليعصمهم من الشرك وانكار المنكرات والدعوة الى الله، وهذا ما أوجد له فئة مناوئة تحاربه، وكانت قضيته قضية مبدأ وليس طلب ترف دنيوي ووجاهة، وكان كثير ترديد هذه الآية (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
عانى الشيخ من الظلم والاستبداد والتعسف، وتمسك كثيرا بالكتاب والسنة ورفع شعارا له الآية (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
٭ ومضة: من يقرأ سيرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب يجد انه حارب طوال حياته من يعظمون التبرك بالقبور والبدع والخرافات والمعاصي، وظل محاربا لها:
الحق شمس والعيون نواظر
لكنها تخفى على العميان
لقد رمي الشيخ بأشياء هو منها بريء ولكنه تحمل لينقذ أناسا غرقوا في لُجج المعاصي والبدع حاملا «دعوته السلمية» في معناها ومبناها وهي دعوة إصلاح، فأصلح الله به ومكنه ومكن أتباعه، وهذه سنة الله في نصره وتأييده لمن قام بالإصلاح عبر القرون الماضية (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً).
٭ آخر الكلام: للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله مؤلفات كثيرة أشهرها:
1 ـ كتاب التوحيد.
2 ـ كشف الشبهات.
3 ـ كتاب الكبائر.
4 ـ مختصر الانصاف والشح الكبير.
5 ـ الاصول الثلاثة وادلتها.
6 ـ كتاب في التفسير.
7 ـ كتاب السيرة.
8 ـ مسائل الجاهلية.
قالها جبران خليل جبران: الشهرة قتل لصاحبها في الحياة، وحياة له في الممات!
٭ زبدة الحچي: لقد اثنى على الشيخ محمد بن عبدالوهاب كثير من العلماء في اقطار الدول العربية مثل مصر والشام والعراق واليمن والخليج العربي وعلماء من بلاد المسلمين في الهند والسند وغيرها من الدول من مشارق الأرض ومغاربها.
لقد حمل الشيخ محمد بن عبدالوهاب أهدافا واضحة لدعوته الوهابية وجلها للقضاء على البدع والذبح والنذر لغير الله وتأصيل معنى كلمة التوحيد والرجوع بالدين الى عهده الاول في حياة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم واخذ الناس بالحسنى والادلة والمنطق.
ومن نافلة القول إن كثيرا من المؤلفين والمدافعين عنه اجتهدوا في توصيل رسالته بمؤلفاتهم ومحاضراتهم، وفي مقدمتهم الشيخ عبدالرحمن الجطيلي والشيخ احمد بن عبدالعزيز الحصين والشيخ عبدالله السبت والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وكثير من علماء السعودية الذين يصعب حصرهم ومنهم شيخنا العلامة عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله، وهناك الكثير من المحافظين الذين يتبعون دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومعلوم ان الشيخ عبدالوهاب ليست له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما يسمى بالارهاب!
ومن يتهمه بهذه التهمة فهو جاهل، لأن دعوته سلمية واصولها معروفة وواضحة ولا لبس فيها!
لعل الأجيال الحالية تتطلع الى سيرة مختصرة عن عالم الجزيرة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، وان يكون مقالي خالصا لوجهه الكريم وفي صفحات أعمالي، وجل هدفي عرض سيرته العطرة بعد ان نالها التشويه! انه سميع مجيب.. في أمان الله.