[email protected]
اطلعتُ على ما كتبته رجاء عبدالله الصانع في روايتها المثيرة «بنات الرياض»، والتي كتبت على لسان (موا)، وأعتقد أنها تقصد بها (البوسة ـ القبلة)، وهي صاحبة موقع (سيرة وانفضحت) على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لتروي أحداثا على لسان أربع من صديقاتها هن: (قمرة ـ سديم ـ لميس ـ ميشيل) إضافة الى شخصيات (أم نوير) التي كان بيتها ملتقى الصديقات الأربع ومسرحا حقيقيا لأسرارهن العاطفية وأحلامهن وكل ما يقع تحت (الخط الأحمر)!
الرواية طبعت عام 2005 وأحدثت جدلا واسعا في المجتمع السعودي.
وأعتقد أيضا أن الكاتبة (محظوظة جدا)، فهي كتبت أول رواية لها وكتب لها المرحوم بإذن الله الأديب والمثقف والشاعر الأستاذ غازي القصيبي تقريظا على الرواية يقول: (في عملها الروائي الأول، تقدم رجاء الصانع على مغامرة كبرى: تزيح الستار العميق الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض، وعندما ينزاح الستار ينجلي أمامنا المشهد بكل ما فيه من أشياء مضحكة ومبكية بكل التفاصيل التي لا يعرفها مخلوق خارج هذا العالم الساحر المسحور. هذا عمل يستحق أن يقرأ.. وهذه روائية أنتظر منها الكثير).
أرجع الى القصة وأحداثها وشخوصها، فهي تتكلم عن (ثقافة مجتمع) تقليدي لا تزال فيه (العقلية الذكورية) مسيطرة ومتحجرة!
الكاتبة البارعة تنقلك عبر أحداث (مجموعة قصص) مع الفتيات الأربع (سديم ووليد ـ وقمرة وخطيبها ـ ولميس وميشيل) وكلهن بالآخر (ضحايا المجتمع المحافظ وتقاليده)!
الرواية تمضي بك من خلال (بنات الرياض) لتوضح لك القيود التي تكبل الفتاة السعودية وعلاقاتها بالرجل والتمرد على المحرمات بمختلف الأساليب، وأيضا هناك إشارة الى الزواج الطائفي الذي يعالج بالرفض، إضافة الى العديد من القضايا دون الإشارة طبعا الى القضايا (السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والثقافية)، وأرى أن الكاتبة حاولت ونجحت في الدخول الى عالم الدماء الزرقاء دون عرض أي نموذج من الطبقات المتوسطة أو الضعيفة!
ولكوني أعرف كمتابع لصدور الرواية في عام 2005 وما تعرضت له الكاتبة من أضرار قبيل ابتعاثها لمواصلة تعليمها الخارجي، غير أن وقوف وزير التعليم معالي الدكتور خالد العنقري الى جانبها جعل كل المحاولات لعرقلتها تفشل!
وتقول المؤلفة إنها بعد رجوعها واجهتها صعوبات كبيرة للبحث عن وظيفة رغم أن تخصصها الطبي (نادر) وهو الخلايا الجذعية وهي خريجة جامعة الينوي الأميركية ولكن بعد عناء عثرت على وظيفة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.
من يتابع رواية (بنات الرياض) يجد أنها حركت (حوارا مجتمعيا) واسعا ما بين مؤيد ومعارض، خاصة أن (محتواها فُهم بشكل خاطئ)!
هذه الرواية التي أثارت المجتمع السعودي جعلت من المخرج الأميركي تيود تمز يفكر في تحويل رواية (بنات الرياض) الى فيلم سينمائي!
وقد قرأت مرة أن الكاتبة طلبت مليون دولار من احدى القنوات اللبنانية لتحويل روايتها الى فيلم!
ويضم ملف هذه الرواية أكثر من قضية، فهناك مواطنون سعوديون رفعوا قضايا ضد رجاء الصانع واتهموها بالإساءة الى بنات الرياض.
باختصار: الرواية تحكي قصة كما ذكرت 4 سعوديات يبحثن عن الحب، وفي هذه الجزئية واضح أن الكاتبة كانت تقصد (مرحلة النقالات للتواصل مع الطرف الآخر) خاصة (خاصية البلوتوث) التي تظهر أسماء الموجودين في المكان والذي غالبا ما يتم بأسماء حركية.
٭ ومضة: بعد قراءتي للرواية أعتقد أن الكاتبة استطاعت في وقت ظهورها 2005 (الكاتبة الطبيبة) كيف تستفز المجتمع السعودي وتستثيره وتشده الى روايتها الجريئة، أما الآن فما عاد مؤثرا في ضوء النقلة النوعية التي يعيشها المجتمع السعودي.
أنا أعتقد أن البطل الحقيقي في الرواية هو الإيميل أو المسج أو الواتساب وتحديدا (الشبكة العنكبوتية) التي هدمت كل الأسوار لينطلق التغيير!
٭ آخر الكلام: أعتقد أنها أبدعت ونجحت الى حد كبير في الكشف عن المجتمع النسائي المخملي بأسلوب دارج معروف عند هذه الشريحة ولا أحد يناقشني في هذا الكشف.. اسألوا الكاتبة؟
٭ زبدة الحچي: المجتمعات العربية تقفز نحو (الحرية) مادام هناك (جهاز ذكي) يحمله كل فرد ليأخذ منه ما يريد ويبعث منه ما يريد أن يوصله من رسالة، وكما قلت وأكرر هو اليوم (المربي الأول) والثقافة القادمة من عالم (تويتر ـ فيسبوك ـ انستغرام... إلخ)!
الرواية تستحق أن تُقرأ وفيها مطولات وشحنات من المشاعر والدلالات وتحتاج الى تركيز ما بين النص والمتلقي!
مساحة من الحرية الواسعة على مجتمعاتنا خاضت بها الكاتبة ضاربة الرأي الآخر المخالف.
أعتقد أن بنت الرياض رجاء استطاعت أن تقوم بالمغامرة الكبرى وتزيح الستار عما يختفي في عالم الفتيات المثير وسط تيارات محافظة وأخرى متحررة تريد جر الأوطان الى عالمها البعيد عن الأديان، ويبقى السؤال: هل هذه الإيميلات التي كونت الرواية تمثل فكر الكاتبة أم انها مجرد تأريخ لجنون فتاة في بداية العشرينيات لم تخضع لقيود العمل الروائي الرزين؟.
.. وشكرا لزوجتي التي أهدتني هذه القصة.. في أمان الله.