[email protected]
وعلينا منذ الآن أن نكون «نحن» التغيير الذي نود رؤيته لأمة العرب في العالم!
«حين يبكي الشجاع يضحك الجبان!».. الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه وكرم الله وجهه.
من صفات المؤمن الورع التقي الصمود بوجه الظلم لأنه يعلم انه يصارعه ويقاومه ويواجهه بقوة الله، لأن الله عز وجل مع الحق، ولهذا الشجاع لا يعرف الجبن ولا الخوف ولا الفرار ولا الانهزامية.
الانهزامية اليوم قضيتنا.
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
إن الشجاع هو الجبان عن الأذى
وأرى الجريء على الشرور جبانا
وقال المتنبي:
إذا لم يكن من الموت بدٌّ
فمن العجز أن تكون جبانا
إلى كل أب وأم خذوا مني هذه النصيحة والتجربة الطويلة في الحياة: لا «تربوا» أطفالكم وابناءكم وعيالكم على الانهزامية أبدا.
وتقولون: لِم؟ وليش؟ وشحقه؟
أنا أقول لكم: مشكلة هذا الجيل انه تربى على الانهزامية ومعنى الانهزامية باختصار (شخصية تتمتع بضعف العزيمة وقوة الحجة) وبمعنى أوضح وأصدق تكون قليلة العمل كثيرة الكلام!
وتعود أسباب الانهزامية في الشخصية الى أمور كثيرة منها التربية الأسرية التي لا تربي الثقة بالنفس وتضغط لاستدرار العطف، وهي تتلذذ بالخوف والهزيمة والانكسار!
رحمك الله يا والدي يوم علمتني القاعدة الذهبية (لا تبوق لا تخاف)!
ورحمكِ الله يا جدتي يوم طبطبتِ عليَّ وأنا في الثانية عشرة من عمري: انت رجلنا ومحرمنا، واحفظ الله يحفظك دائما فأجدادنا فرسان.
هذه هي (المدرسة الحقيقية) التي تعلم الأجيال، وإذا اليوم انتو راح «تتكلون» على المدارس ترى (لا طبنا ولا غدا الشر) لأن المدارس لا عادت تعلم ولا تربي للأسف!
ماكو تعليم!
أعود للانهزامية وخطرها على الأمة وخطرها الداهم علينا فلقد ربى الإعلام العربي فينا الهزيمة لفساد القيادات وكذبها ودجلها، هزائم كارثية في البداية، جعلونا نصدق اننا أمة لا تهزم من المحيط الى الخليج، وعندما صحونا وجدنا أنفسنا في هزيمة لا مثيل لها بالتاريخ.
أب منهزم لا يعلم ولا يربي.
ومدرس منهزم لا يعلم لأنه ليس قدوة!
وإمام مسجد منكسر وغير محمي لا يعظ!
وإنما يتلو خطبة مطبوعة!
آن الأوان لإعادة النظر في الخطاب الإعلامي في ضوء الواقع. الى متى يربي في أجيالنا الانكسار، فمن قال ان إسرائيل لا تهزم؟ ومن قال إن إيران ستهزم العرب؟
على ساسة الإعلام وقياداته الإعلامية والتربوية والشرعية ان يبدأوا بقبر (الانهزامية والانهزاميين).
ديننا الإسلامي الوسطي فيه كل الحلول لمشاكلنا لأنه بالأساس جاء ليخرجنا من عبادة العباد الى عبادة رب العباد.
ارجعوا الى التاريخ الإسلامي وإلى الوراء، كل الذين يكتبون التاريخ اما انهم بالغوا أو زيفوا الوقائع والنتائج.
نحن جيل محبط من حجم الهزائم والانكسار وهذه الانهزامية أصابتنا أفرادا ومجتمعات.. لا بل أمة بكاملها.
آن الأوان أن ندخل التغيير في مناهجنا وتعليمنا ولنبدأ بالأسرة والمدرسة والمسجد و..و..و...!
خلاص يكفي انهزامية لسنوات طويلة، فلقد دمرتنا، وآن الأوان ان ننتشل أنفسنا وعيالنا منها عاجلا غير آجل.
٭ ومضة: الحل من الانهزامية يكمن في حسن الظن بالله والإيمان الراسخ بأن كل شيء بيده، وتذكروا انه لو اجتمعت الناس جميعا على ان «يضروك بشيء، لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك».
عمّقوا هذه النظرية في تربيتكم للأبناء (رجالا ونساء) وإن غير هذا لهو من الضلالات التي لا أساس لها من الصحة.
لا تبكوا على ما مضى، انبذوا «الشخصية الانهزامية» التي تستحق الشفقة وعجلوا بغرس (الشجاعة والجرأة) فيكم أولا ثم عيالكم.
٭ أيها المنظرون والمفكرون والساسة والقادة: الشخصية الانهزامية أتعبت جيلنا المخضرم وعلينا جميعا اليوم ان نبدأ في محاربتها لأنها مترددة متشتتة، تشوف (الفساد) وتسكت وتصمت ولا تملك قرارا مصيريا واحدا لأنها قليلة الفعل كثيرة الكلام!
٭ زبدة الحچي: حتى نخرج من هذه الورطة التاريخية من الانهزامية على (الأب) أن يبدأ، فهو الانموذج، يليه المعلم فالإمام والكل يرفع شعار: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
لنعترف بالحالة النفسية التي وصلت اليها أمتنا العربية المنهزمة المنكسرة، اللهم إلا أبطالا هنا وهناك يواجهون أعداء الأمة بكل العنفوان العربي الأبيّ.
ولن تقوم لنا قائمة ما لم يعتز كل عربي بنفسه وأمته ودينه.
أيها الأب: انتق لابنك الصاحب واصحبه معك أينما ذهبت، وحاسب نفسك قبل ان تحاسبه، وعلّمه ان الحياة مدرسة فيها الشجاع المجتهد وفيها المنهزم العليل، ولهذا كله اجعله يمارس حياته بشجاعة، لا تكسره انت، فلا تجعله يقبل الإهانة أو من يعتدي عليه، وأن يعتز بذاته ونفسه وأنه على حق ما دام صاحب حق وعليه اختيار كلماته وتحديد موقفه.
عزيزي القارئ الكريم: هذه هي الحياة أمك وعيالك لا تربّ في نسلك السلبية والتشاؤم والإحباط والخذلان وكثرة الشكوى.
كنت كلما التفت ورائي رأيت نجلي «مهند» وحفيدي «يوسف» أقول اللهم لك الحمد (جينات) أخذت طباعي وعاداتي ومبادئي وقيمي وإيثار لذة العفة في زمن الفساد على لذة المعصية والمنصب والمال والخنوع الممجوج لفرد أو مجموعة مسيطرة!
أنا وكثير من الآباء نحاول أن نهيئ عيالنا لأمر عظيم لإنقاذهم من براثن الشيطان وأعوانه وما أكثرهم في هذا الزمان!
آن الأوان أن نربي «الأبناء» على انهم مواطنون صالحون وليسوا عبيدا.
أوقفوا قهر البيت وعززوا المكاشفة والبوح والجرأة المنضبطة فلا شيء يجتلب الشجاعة كالمروءة والإقدام والعدل..
في أمان الله.