[email protected]
لم نأت كلنا في نفس السفينة الهندية ولكننا نبحر كلنا في نفس المركب!
كانت الهند في بداياتها تُسمى القارة الهندية، ثم انفصلت باكستان ولحقتها بنغلاديش!
كلنا نعلم وكثير من شعوب العالم تقف احتراما للدستور الهندي الذي قام على شرائحه الثلاث (الهندوس - المسلمين - المسيحيين)، طبعا هناك مجوس ويهود وأديان ولهجات تزيد على الأربعة آلاف!
هناك أيضا بوذيون وسيخ وملل مختلفة في تعاليمها وعقائدها وتقاليدها وعاداتها (طبعا هذا سبب حدوث صراعات وحروب دموية) وتوجد في الهند قبائل وموزاييك من مختلف السلالات أدت في كثير من الأحيان الى صراع طبقي وفئات مضطهدة!
كانت عظمة الدستور الهندي أنه نص على المساواة وعدم التمييز على أساس الديانة واللون وأعطى المواطن فرصا متساوية لسائر السكان في الهند، بل فرض عقوبات على من يمارس التمييز وكان شعار الجميع «الوحدة في التنوع»!
من وضع المبادئ الهندية والدستورية راعى كل هذه الأجناس والديانات التي ذكرتها، ولهذا يشيد المراقبون في كل العالم بالدستور الهندي ويعتبرونه واحدا من أفضل الدساتير لأنه عمل حساب كل طبقات المجتمع الهندي المتنوع وحفظ حقوق كل الطبقات واحتفظ بالروح الهندية التي قادها الأوائل من أمثال غاندي وجواهر لال نهرو وأبو الأعلى المودودي الذين خططوا لمجتمع تسوده السواسية والمساواة وعدم التفرقة، وهذا ما أظهر الهند وأبرزها لشعوب العالم بديموقراطيتها!
لكن بكل صراحة، ولا يزعل منا إخواننا الهنود، تغيّر هذا الوضع الى نزاعات وإقصاء للمسلمين، خاصة مع وصول حزب (بهاراتيا جاناتا) ذي الاتجاه الهندوسي المتطرف الى الحكم، وهو في الأساس مدعوم من منظمة (آر أيس أيس) الهندوسية المتعصبة المتطرفة التي سعت منذ إنشائها الى تحويل (الهند العظيمة بمبادئها) الى دولة هندوسية تضيع فيها جميع حقوق المسلمين والمسيحيين والديانات الأخرى للأسف!
هذه النزعة الطائفية البغيضة وضعت المسلمين في أعلى أجندتها وحاولت جاهدة محو كل أثر إسلامي والقضاء على الوجود الإسلامي المتسامح ورفض كل الأدوار التاريخية للمسلمين الهنود والقضاء على أي أثر إسلامي، ولاقى هذا (الهوس والعبث) أصداء وتآزرا من منظمات تكنّ عداءً للإسلام والمسلمين!
طبعا المسلمون دفعوا ثمنا باهظا في سبيل وجودهم ودينهم!
ووصل الحال الى إطلاق دعوات هندوسية متطرفة للغاية لطرد المسلمين من الهند!
ومن يتابع رئيس منظمة (آر أيس أيس) موهن بهاغوت يعرف تطرفه الشديد تجاه المسلمين، فهو يطلب من منظمته المتطرفة اتخاذ إجراءات قاسية، وكما رأينا في أحداث (غجرات) عام 2002 والذي ذهب ضحيتها آلاف المسلمين!
لقد قالها بهاغوت: الهند اليوم ليست غاندي ونهرو بل هي هند (مودي وأمت شاه)، فإذا أعطونا لونا أخضر فإننا نقضي على المسلمين في (ساعة واحدة)!
٭ ومضة: كم كثيرة هي التصريحات الاستفزازية اليوم في الهند، هدفها الأول تأجيج الكراهية ضد المسلمين وكلنا سمعنا أخبارا عن القانون الجديد لتعديل المواطنة والسجل القومي!
اليوم كل مسلم في الهند معرض وفق السجل القومي للسكان وما شرع من إجراءات لترحيله من بلده والعيش في مخيمات، إنها سلسلة مما حدث لمسجد البابري الذي هدمه الهندوس وما يحصل في كشمير وما يحدث الآن في أفغانستان وباكستان وبنغلاديش، حيث يطلب كل الديانات من غير المسلمين اللجوء الى الهند وتتم الموافقة، ما يعني إقصاء المسلمين وجعلهم أقلية على أساس الدين، وهذا ما يرفضه الدستور الهندي!
الأقليات الدينية (الهندوسية - السيخ - البوذية - الجينية والزرادشتية والمسيحية) إذا أثبت هؤلاء أنهم من باكستان أو أفغانستان أو بنغلاديش يعطون الجنسية الهندية في محاولة لإقصاء المسلمين علناً!
٭ آخر الكلام: هذه الإجراءات الهندية المتعارضة مع دستور الهند العلماني أثارت سخط المسلمين وأصحاب الضمائر الحية، وهناك للأمانة فئة من الهندوس وفي مقدمتهم الطلبة والأساتذة والطلاب في الكليات والمعاهد يشاركون المسلمين في المظاهرات والاحتجاجات السلمية، مطالبين بسحب القانون الجديد وعدم التسجيل في السجل القومي للمواطنين.. يجب على الإعلام الإسلامي شكر هذه الفئة!
٭ زبدة الحچي: المرجو من الحكومة الهندية وهي ترى اليوم كل هذا الرفض لمخططها الخاص بالسجل القومي أن توقف هذا العبث ضد مواطنيها!
إن منعها الاحتجاج السلمي والتظاهرات وخدمات الانترنت ليس حلا عادلا لمطالب عادلة!
الهند التي عرفت عبر التاريخ بدستورها العظيم، عليها أن ترجع إليه بعيدا عن استخدام القوة المفرطة والإفراج سريعا عن كل من تظاهر من المسلمين والديانات الأخرى.. أعيدوا النظر في المبادئ التي عُرفت بها الهند يوم كانت الهند معقلا للديانات المستقلة بذاتها ورموزها التاريخية من كل الديانات، وهي اليوم تتجه الى مصاف الدول الكبرى الحضارية وتسمى بأيقونة الديانات.. والحل هو وقف التطرف وتعزيز مبدأ تعايش الأديان!