[email protected]
من الشخصيات الكويتية الألمعية التي لم تأخذ حظها من التكريم في بلدي الكويت (المؤرخ ـ الباحث ـ الكاتب ـ الصحافي ـ الديبلوماسي ـ السياسي ـ الرحالة ـ الرسام ـ الخطاط ـ هاوي جمع العملات ـ المذيع ـ الإذاعي...)، قد يقول قائل: الله أكبر، من ذا الذي لديه كل هذه الإمكانات؟
إنه أستاذنا الكبير حمد محمد السعيدان، رحمه الله، الذي رحل مبكرا تاركا إرثا ثقافيا وسياسيا وفنيا يصعب حصره بين يدي قارئي الكريم، كانت همته كبيرة وشخصيته مبادرة، من طراز فريد من الصحافيين الكويتيين!
عبر عموده «النافذة الضبابية» في الزميلة «السياسة»، قضى الزميل الراحل الكبير حياته في بدايات شبابه قبل أن يتخرج ويعين بسفارتنا في بريطانيا (1972 ـ 1985) وهو خريج أكاديمية وشهل (1969 ـ 1971).
وهذه فرصة لأشكر ثلاثة ممن ساهموا في تعريفنا بهذا الوطني المخلص من أبناء الكويت مقدم الكتاب الذي سأعرضه على القارئ الكريم وهو «في بلاد الانجليز» الذي قدم له المؤرخ الكويتي فرحان أحمد الفرحان وأبناء الأديب الصحافي (سامي - وسامية).
في 27 أغسطس 1991 توفي الكاتب والديبلوماسي حمد السعيدان، وقد خسرت «الصحافة المحلية» فارسا من فرسانها لأنه في مرحلة زمنية كان نجما ومن أقوى الأقلام التي كتبت، وكان مرجعا في وجوه الثقافة والإعلام والصحافة والديبلوماسية.
يرثيه صديقه عدنان الشايجي قائلا:
يا أيها «الحمد» الباكي أحبّته
في أي قافية يا شعر أرثيه
مضى ووجه شعاع الشمس من شغف
يضيء فيه وجرح الأرض يدميه
مضى وفي قلبه للكون أُغنية
وفي المآقي بقايا من أمانيه
عرفت فيك سجايا الصدق محتسبا
من الإباء سموا من تساميه
في جنة الخلد والأوفياء قد هتفت
أهلا.. لفرحته فاضت مآقيه
رحم الله أبا سامي، لقد أغنى «المكتبة الكويتية» رغم قصر عمره من إنتاجه الأدبي والمنوع، وصدر له:
ـ الموسوعة الكويتية المختصرة من ثلاثة أجزاء.
ـ العالم حقائق وأرقام.
ـ دليل شوارع الكويت.
ـ خريطة مدينة الكويت.
ـ تاريخ العلم الكويتي.
ـ كنت في شرق أفريقيا.
وهناك كتب له تحت الطبع لا أعرف إن تمت أم لا!
ما جعلني أخص كتابه «في بلاد الانجليز» وأضيف كلمة حمد لدوره الكبير في هذا الكتاب، لأنه بكل صراحة كان ذكيا استفاد من فترة دراسته في بريطانيا بارتياد مكتباتها، واستفاد كثيرا من أرشيفها ومعهد الإعلام البريطاني والجمعية الجغرافية الملكية، وكان بكل صدق «خير من دافع عن الكويت وتاريخها ضد الحملات المشبوهة التي تتعمد الإساءة إلى كل ما هو عربي»!
ما يعجبني في الأستاذ حمد السعيدان، رحمه الله، حماسته الوطنية الطاغية، ففي الاحتلال العراقي لم يتوقف عن الكتابة في جريدة «السياسة»، ثم في جريدة «صوت الكويت» التي تصدر في بريطانيا، وشهر قلمه في وجه الاحتلال العراقي، وفاضت روحه المتعبة بعد التحرير إلى بارئها، وهو لم يتوان لحظة في نصرة وطنه الكويت بكل ما أوتي من علم وقوة ووثائق، وهو الذي أصدر كتابا عن شوارع الكويت وخريطة مدينة الكويت وتاريخ العلم الكويتي الشامخ!
٭ ومضة: كتابه «في بلاد الانجليز» هو عبارة عن كتاباته وذكرياته في مقاطعة SUSSEX ما بين 1969 و1971 قبل أن يلتحق بعمله الرسمي في سفارة الكويت في بريطانيا، خاصة عن جيرانه ورحلاته وقصصه الطريفة أثناء فترة عمله ديبلوماسيا بسفارة الكويت في بريطانيا.
الكاتب الأستاذ حمد السعيدان، يسعدك وأنت تقرأ له عن بريطانيا ومحطاته فيها ورحلاته من مطار هيثرو بلندن إلى أكثر من بلد وعن التلفزيون البريطاني وقنواته وخبراء التخصص وضريبة الحياة وعالم البهائم وعطلة الخميس وبالعامية المصرية والمواقف الإنسانية وسياح لندن وتجار الأسهم والطرف الأغر والصحف الصفراء وتجار المساجد والمظاهرات والإعلام والحرب والبوس والتقبيل وسقوط فوكلاند وGood bye London.
٭ آخر الكلام: قصة عجيبة لهذا الكتاب «في بلاد الانجليز»!
مطبوعة صاغها المرحوم بإذن الله حمد السعيدان، لكن هادم اللذات هاجمه وعاجله، فظل هذا الكتاب وغيره من المؤلفات (وبعضها للأسف تم الاعتداء عليه بوسائل مختلفة، بالكويتي «سرقة»). واليوم أعرض لكم «في بلاد الانجليز» الذي قدم له وزير الإعلام مع كتاب ترجمة عرب الصحراء، وقدم كتبه للطباعة عام 1992، لكن للأسف فقدت الكتب في المطبعة ولم تر النور!
لكن من فضل الله أن آل السعيدان الكرام كانوا يحتفظون بنسخة من المقالات التي تم تجميعها مرة أخرى وطباعتها في هذا الكتاب الذي أعرضه لكم أعزاءنا القراء في كل مكان!
٭ زبدة الحچي: أود أن أخص ابنته سامية بالشكر والتقدير، وأقول لها «برافو»، صحيح البنت حبيبة أبيها، فقد اجتهدت في جمع تاريخ والدها وتراثه، والشكر موصول لبقية إخوانها وأسرتها، فلولا حرصهم لضاع الشيء الكثير من العلم والصور، وهم بذلك خدموا المكتبة الكويتية، لأن مطبوعات الأستاذ حمد السعيدان ثروة وطنية إعلامية أفادت المكتبة الكويتية والتاريخ الكويتي!
وأنت تقرأ «في بلاد الانجليز» تشعر بثقافة الراحل الكبير حمد السعيدان، لأنه ينقلك من محطة إلى أخرى بطريقته، فلا تمل من نقلاته الحلوة ومواضيعه المطروحة!
أتمنى من الدولة وجمعية الصحافيين الالتفات إلى مثل هؤلاء الرموز والأعلام والسِّير.. في أمان الله.