[email protected]
قارئي الكريم: دعني آخذك في هذه الرحلة الحلوة من يوم الخميس ونعلم جميعا أن الخميس هو اليوم الونيس!.. بداية عطلة الأسبوع.
في الحياة قدرنا أن نلتقي أو نفترق ونمارس القرب والبعد والحياة والموت، كل ذلك بعلم الله عز وجل، قال جبريل عليه السلام لرسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم: «يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه»!
إذن الحقيقة واضحة، محد يخلد. الكل ميت فلم الجزع؟ أضف لها رزقك وأجلك عند الله عز وجل!
قارئي الكريم: أبعد هذا ما يستوجب البكاء والحزن؟! نعم أعرف أن (الفقد عظيم) ومشاعرنا الإنسانية أحيانا تضيق بمشاعر وأحاسيس المحبة والمودة والرفق والشفقة!.. من منا ليس له فقيد خاصة الضنى؟
إذن في حياتنا «محطات» محنة وابتلاء واختبار مشحونة بمعاني الخير والرحمة والحزن والغم، واعلم أننا في الحياة لإعمارها وللعبادة!
يقول سبحانه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)... ودرب العبادة صعب!
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا) آل عمران: 145.
إذا أصبحت كل يوم قل (أعوذ بالله) من الهم والحزن والكسل ونعوذ بالله من سوء الظن به ونسألك أن تتوفانا وأنت راض عنا ولا تبعدنا عنك أبدا، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله.. تفلح وتبتهج نفسك!
دائما أحسن الظن بالله وإذا أصابك الحزن والهم قل: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) سورة يوسف: 18.
وإذا زادت عليك المشاكل وتراكمت الهموم والديون فقل ولا تتردد: (إنما أشكو بثي وحزني الى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) سورة يوسف: 86.
وإذا كنت في الطريق من بيتك إلى عملك أو لزيارة أو قضاء عمل وتعرض لك سفيه من هؤلاء وما أكثرهم في طرقاتنا أصحاب الخزة، فقل: (سلام قولا من رب رحيم) (سورة يس: 58).. لا تدع عليه، بل ادع أن يصلحه الله!
ولا تتفاعل مع «الخزة» بردة فعل فكثير من الذين ركبهم الشيطان في مقبرة الصليبخات!
قارئي الكريم: اليوم وأنت في هذه الحياة مطالب بأن تتعلم كيفية (فهم الناس)!
تفاوت الناس في إدراكهم للأمور ونظرتهم وتفسيراتهم حتى لا تتعب معهم!
اطلب دائما من الله أن (يجتبيك) لأن الله سبحانه (يجتبي) من يشاء من عباده وأنت هنا محظوظ إذ جعلك من عباده المصطفين المخلصين وهذه الغالبية وأوليائه الصالحين! خذ هذا الأمر وانت مسلّمٌ به وبيقين صادق تفز!
٭ ومضة: تبي ترتاح في هذه الحياة اجعل همك (الاستغناء بالله) عمن سواه من البشر فهو والله أقرب إليك من أي شخص وهو خالقنا غافر الذنب وقابل التوب، فيا رب اجعلنا لك من الذاكرين الشاكرين، تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وأجب دعوتنا واهد قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخائم صدورنا، قولوا يا رب! قلة هم أصحاب القلوب البيضاء!
وما أنبل القلب الحزين الذي يشارك الناس همومهم وهو مثقل بالغم ليفرح القلوب!
وتذكر (قارئي) العزيز: ما تعاظم فرحك أو حزنك إلا وصغرت الدنيا في عينيك!
٭ آخر الكلام: الرضا كلمة جميلة، فالرضا بالله مدبرا ومعينا ربا إلها لا شريك له، وليعِنّا (سبحانه) فيما نحب ونكره، لأن هذا سبب عظيم من أعظم أسباب الرضا في صورنا ومعاشنا وحياتنا وأرزاقنا!
(.. لله الأمر من قبلُ ومن بعدُ..) الروم: 4.
الرضا اذا اجتاح نفسك فأنت تعيش بنعمة الله ورضاه على من أحب من عباده، وهذا والله هو حب الله لعبده!
٭ زبدة الحچي: قارئي الكريم.. ما أحوجنا جميعا في هذه المرحلة الصعبة إلى المبشرات التي نرجوها أن تزيل همومنا بعد أن زاد القتل وتجريب الأسلحة على (أمة العرب) وزاد التآمر والاحتشاد وزاد الخلاف والتطبيع مع اليهود، وأنا وأنتم نعلم إنما الذئب يأكل من الغنم القاصية، وأيضا أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض!
اللهم ارزقنا السكينة وراحة البال وأعنا على البلاء لأن الدنيا سريعة الزوال، قال ابن القيم رحمه الله:
وأعجب ما في العبد رؤية هذه العظائم
والمغرور فيها متيمُ
وأعجب من ذا أن أحبابها الألى تهين
وللأعداء تراعي وتكرمُ
وذلك برهان على أن قدرها
جناح بعوض أو أدق وألأمُ
٭ قارئي الكريم في كل مكان: الدنيا ساعة، فاجعل كل طلبك وهمك ومناك لقاء ربك بقلب سليم، وما أسرع ما تنقضي الساعة، والله خير وأبقى، ويبقى أكبر قاتل هو قاتل (الأمل) في قلوب الناس، فالله المستعان!
والنصيحة في هذا (الخميس الونيس وما يليه من يوم الجمعة المباركة) أن نصبر على ما قدره الله لنا وأسأله سبحانه أن يكون موعدنا جميعا الجنة وأن نجتاز أهوال الموت والحساب والحشر ونحن بعيدون عن الكفر والفسوق والعصيان، وأن نكون من الراشدين.. قال الإمام الشافعي رحمه الله:
أحسنت ظنك بالأيام ولم
تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها
وعند صفو الليالي يحدث الكدر
٭ يقولون: ببكاء القلم تبتسم الكتب.. أرجو أن تكون (المقالة) خفيفة الوقع على كل المثقلين والمهمومين..
قولوا آمين يا رب العالمين.. في أمان الله.