[email protected]
خلال تاريخ الكويت الممتد لـ 350 سنة خلت مرّت على الكويت أوبئة فتاكة وأحداث مؤلمة وكوارث طبيعية وابتلاءات، لكن الناس في ذلك الزمان من الأجداد والآباء غير ما شفناهم اليوم في تصرفات (القلة)!
في قديم الكويت تحضر كبير في التعامل مع الأوبئة، وهذا ليس بالخافي على الكويتي المخلص لديرته وشعبه الخائف على أرواح الناس وقمة تحضر أهل الكويت القدامى من (آباء وأجداد وجدات وأمهات) عندما انتشر الطاعون والسل والجدري والإنفلونزا قاموا رغم قلة ثقافاتهم بعزل (المريض) في غرفة في أقصى (البيت أو الحوش) وعيّنوا له شخصا يقوم برعايته حتى لا ينتقل الوباء لهم ولمن حولهم!
والله ما رأيناه في الفيديوهات والميديا من (تصرفات جهالة وتهور وطيش وهوشات) كل هذا يحتاج إلى إعادة تأهيل، فهؤلاء لا يعرفون معنى كلمة وباء!
نحمد الله على أنهم (قلة) وهناك عقلاء نشكر تعاونهم مع الأجهزة المختصة، وهذا (سلوك) سوي، كفانا الله جميعا هذا الضرر القادم لنا من إيران الموبوءة والصين وجهالة بعض الناس!
لقد أدخلوا مجتمعنا في أمور خطيرة أكثرها كما رأيته (اتهام بالطائفية)!
(نحن الآن أمام ناس مصابين أو حاملين لفيروس «كورونا» وهذا يتطلب حجرا صحيا على وجه السرعة وبدء العلاج دون (صراخ) وتهجم باللفظ أو الكلام.. إلخ)!
هذا وباء يجب على الدولة وأجهزتها تطبيق كل الإجراءات دون الالتفات إلى هؤلاء الجهلة، لأنهم غير مدركين الخطر من انتشار الوباء!
لهذا، وجدت من الأولويات أن نعلم (عيالنا) حضارية آبائهم وأجدادهم الذين طبقوا (إجراءات الحجر الصحي) رغم قلة الإمكانات والأدوية، وهنا سر عظمة أجدادنا وآبائنا الذين تعاملوا مع (سنة الطاعون) كوباء في عام 1831 وهو وباء الطاعون العظيم حيث توفي فيه الكثير من المشاهير وأبرزهم شيخ المنتفچ حمود السعدون والشاعر بن لعبون!
لقد ظن الكويتيون (وباء الانفلونزا) الذي حدث في سنة 1919 أنه (وباء الطاعون) فسموه بالرحمة بعد أن عرفوا أنه ليس بالطاعون الخطر، ويقال إن وباء الطاعون أخذ معه نصف عدد الكويتيين حينذاك وأن عددهم كان لا يتجاوز أربعة آلاف شخص.
أما مرض الجدري الذي انتشر في سنة 1931 فقضى على سبعة آلاف شخص معظمهم من الأطفال، وكانت سنة شديدة جدا على أهل الكويت لكثرة الضحايا، وما كان في الكويت إلا الإرسالية الأميركية وفيها طبيب واحد وعدد من الممرضين، وقد أوعزت الحكومة الى مدير البلدية آنذاك المرحوم بإذن الله العم سليمان العدساني لاتخاذ ما يراه مناسبا لإيقاف هذا الوباء، فقرر حينها ترحيل عدد من الإيرانيين الذين جاؤوا الى البلاد ومنع دخول القادمين منهم واتخذ كل الإجراءات الوقائية التي قطعت دابر هذا الوباء!
إنه يا سادة (الحزم)، ويذكر لنا التاريخ الكويتي أن الحكومة قامت بـ«التتيين» أي التطعيم، للحفاظ على حياة الناس خاصة الأطفال وجلبت الأمصال من البصرة وقامت بالتطعيم مجانا.
لقد عانت الكويت من الأوبئة في تاريخها وحتى جيراننا أصابهم ما أصابنا، فالوباء إن انتشر لا يقاوم ولا يصد إلا بصعوبة بالغة جدا وتكلفته كارثية!
ناظم هذه الأبيات وهو سعود بن محمد الذي سمي حي چبلة باسمه وهو فريج سعود، ورأي آخر يقول إنها للشاعر النبطي الملا سعود الصقر:
شفنا المنازل مثل دوي الفضا
عقب السكن صارت خلايا مخاريب
واحسرتي قلبي طرى ما مضى
وقت مضى تلقى به الأهل والأصاحيب
إنني أتوجه الى (الجيل الكويتي الجديد): مرت الكويت بلدكم بعام الهيلق (مجاعة) 1868 والطاعون 1831 والطبعة هي (غرق السفن) والرجيبة 1872 مطر عظيم، وعام الدبا (غزو الجراد) 1890، وعام الطفحة (وفرة في الرزق) 1910، وعام الرحمة مرض الانفلونزا، وعام السابلة وهي تجارة العرب القادمين للكويت لبيع بضائعهم، وسنة الهدامة 1934 مطر شديد، وعام البطاقة 1941 خلال الحرب العالمية الثانية وغيرها من الأحداث التي جرت وكان فيها أهل الكويت حكاما ومحكومين قمة في التحضر الإنساني.
٭ ومضة: نعم.. الكويت تعرضت للأوبئة والابتلاءات والكوارث والأزمات وذهبت أرواح وحدثت خسائر عظيمة، فلم يكن أمام الشعب الكويتي إلا الصحراء المفتوحة وخلفهم البحر والأوبئة، ومع كثرة الأوبئة التي هاجمت أهل الكويت نجحوا في صدها وهزيمتها، برحمة من الله ثم بوعيهم المبكر بضرورة الاحترازات الوقائية حتى (الكوليرا) التي هاجمت الكويت بين 1865 - 1917، فإنهم اهتموا بأهمية نقاء المياه وطهارة الصرف الصحي ومنع الأغذية القادمة لهم من الدول المجاورة باستثناء الأغذية المغلفة.
وحديثا، الكل يذكر حالات الكوليرا في عام 1989 حيث بلغت الإصابات 86 إصابة وكلنا مازلنا نذكر الإجراءات التي اتخذتها البلدية وتعاون فيها المواطنون حماية لمجتمعهم من الوباء!
٭ آخر الكلام: أعتقد والله أعلم أن أهل الكويت كما هم الأجداد والآباء سيؤرخون بسنة «الكورونا» مثلما هي سنة الرحمة والجدري!
٭ زبدة الحچي: نحن اليوم أمام مصلحة وطن وعلى سمو رئيس مجلس الوزراء ووزرائه وإخواننا في مجلس الأمة اتخاذ كل الاحترازات الضرورية وتطبيق القوانين بحزم على الجميع، وعلينا تطبيق كل الأوامر والبيانات الصادرة دون تردد لما فيه مصلحة البلاد والعباد ونتضرع الى المولى عز وجل أن يزيل عنا البلاء والوباء.. إنه سميع مجيب!
في أمان الله..