[email protected]
أرجو من قارئي الكريم أن يفهم أولا عنواني ثم فكري، لأن كلماتي وسطوري هذه المرة إلى العلماء - الذين لا ريب أن مسؤوليتهم عظيمة - فعلى علماء المسلمين بصفة خاصة أشد مسؤولية وأثقل تبعة لأن الإسلام دين البلاغ الجريء والنصيحة (الخالصة المخلصة)، لأنهم ورثة الأنبياء الذين لم يورّثوا أحدا من بعدهم درهما ولا دينارا إنما ورثوا العلم، وكما نعلم فضل العالم على العابد كفضل الرسول صلى الله عليه وسلم على أدنى رجل من أمته.
في العام 1441هـ الموافق 2020م داهم فيروس كورونا العالم فاجتاح الحكومات والشعوب، نجا من نجا وهلك من هلك، وساد سكون «قاس» فئة «دعاة الحق» وأنا لا أقول الدعاة والأئمة، وإنما مقصدي «العالم الجليل» من حملة الرسالة الذين وجدناهم عبر القرون الراشدة والعهود المجيدة السالفة - علماء ربانيين - واجهوا الشدائد والكوارث والحروب والأوبئة وقاوموا البهتان والطغيان بنصحهم الرشيد الجريء حتى ان بعضهم مضوا شهداء، بل سادة الشهداء كما وصفهم نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام حين قال: «سيد الشهداء حمزة».
شاهدنا انتشار «كورونا»، كما شاهدنا أيضا كل شرائح المجتمع تقوم بأدوارها.. اللهم إلا العلماء!
أين العالم الرشيد الحكيم الذي يتكلم بنور الحق والدين ويثق به الخلق وقدوته الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلنا يذكر وقرأ أمر الله تبارك وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: (يا أيها الرسول بَلِّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته..)، كما أمر الله جلت قدرته سيدنا موسى عليه السلام حين أنزل في التوراة وعلَّمه علمها: (فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها).. أين العلماء؟! لم لا يؤدون واجبهم في النصح وقد زاد الفساد على الحد؟! أين الجهر بكلمة الحق؟! لم لا يكون لكم دور في إصلاح المجتمعات وتقويمها من الانحراف والاعوجاج في سلوك أفرادها وعادات جماعاتها ولوبياتها ورموزها على سواء؟! لماذا العلماء منطوون على أنفسهم؟!
لم لا يتصدون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! لا بلسانهم ولا بقلمهم حتى دروسهم وحلقاتهم في المساجد توقفت، لكن (الميديا) ووسائل التواصل الاجتماعي موجودة لمن يريد، حتى وإن كان لا يعرف.. فهناك من أهل بيته من هذا الجيل قادر على أن يسوي له كل التقنيات والدعم اللوجيستي!
لا أتكلم عن العلماء الذين يتولون المناصب ويتحدثون بهوى الرؤساء، المتقيدين بالاتجاه والميول، المعتدّين بالكبراء فيما يفعلون ويسلكون!
في زمن «كورونا» ساد ألسنة العلماء صمت مطبق، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
٭ ومضة: لقد حفل تاريخنا الإسلامي بالعلماء الأمناء الأقوياء الذين وقفوا للطغاة الظالمين على مدى العصور الإسلامية وتعرضوا في سبيل ذلك لكثير من التعذيب والسجن والحرمان والاضطهاد والقتل!
كلنا قرأنا قصص الإمام الشيخ أحمد بن حنبل، سعيد بن المسيب، سعيد بن جبير رضي الله عنهم، وغيرهم كثير.
إن مسؤولية العلماء الآن في وباء «كورونا» مضاعفة وعليهم ممارسة أدوارهم للتنبيه إلى الحدود وزجر كل الفسّاد والفاسدين، فهذا هو دورهم اليوم وهو جد خطير.
يقول الشاعر محمد بن حازم الباهلي:
ومنْ دعا النَّاس إلى ذمِّهِ
ذمُّوهُ بالحقّ وبالباطلِ
٭ آخر الكلام: لقد أعلى الله مكانة العلماء ووضعهم في كتابه بمرتبة عالية سامية: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). ويقول في موضع آخر (لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).
فهل العلماء مدركون اليوم حقيقة الأمر وواقع المأساة التي يعيشها المسلمون في زمن «كورونا»؟
٭ زبدة الحچي: سُئل العالم ابن المبارك: « من الناس؟ فقال: العلماء، فقيل له: من السفلة؟ قال: الذي يأكل بدينه».
في التاريخ هناك نماذج قدوة للعلماء الذين ملكوا الشجاعة والحجة ومواجهة الطواغيت وكل أشكال الفساد بكلمة الحق وموعظة الخير، ما أحوجنا الى هؤلاء في الزمن الكوروني. نريد علماء «من طراز فريد»
يفهمون حقيقة «العلم» ويفتون بالحق وصحيح الدين.. وليس «لحى» وتلفزيونات ومحطات وبهرجة حضور!
نحمد الله أننا في الكويت نعيش عيشة فيها العدل كمواطنين، وكلما شاهدنا دول العالم زاد إيماننا بكويتنا وحكامنا..
اللهم أعن الشعوب على ما ابتلاهم وارفع عنهم «كورونا» عاجلا غير آجل.
في أمان الله..