[email protected]
سأعود بكم إلى الكويت القديمة بلهجتها الجميلة ذات المعاني الجزلة.
«إنك والله لخسيس».. هذه مفردة تقال لمن يزيد السعر في مادة ضرورية يحتاجها الناس!.. عبارة راجت في الكويت العتيچة ما أجملها!
(الكمامات ـ البصل - سمچ) ما ندر الآن من البضاعة المطلوبة لكثرة الاستهلاك والطلب عليها أو لندرتها، يقول لي صاحبي اشتهيت «زفرة» فلقيت رقم (بالميديا) اتصلت رد علي واحد من جنسية عربية قال عندي (ازبيدي) الحبة بعشرين دينار ومستورد مو محلي!
أول يوم حنا صغار إذا زعل الواحد من صاحبه وصديقه وحتى أخوه نطلقها عفوية يالخسيس!.. إذا عظم الجرم نقول لصاحبها يالخسيس كان من كان!
إنها كما نسميها (المعاير) لقوة معنى الكلمة، فكم من (خسيس) تربّح في الزمن الكوروني في 1441هـ الموافق 2020م؟ وكم الخافي؟
هذه المفردة أيضاً تذكرني باللغة العربية، فالمرأة الباخس هي المرأة الحمقاء.
وعندما نقول ونوجه كلامنا لبعض لا تبخسوا الناس أشياءهم.
أي لا تظلموهم ،أي فلا يخاف هذا وذاك بخساً أي ظلما.
ولهذا البخس يطلق عليه بالخسيس لتقويم اعوجاجه وتقريعه وتوبيخه بكلمة هادفة تجرح الشعور، ولها تأثيرها لمن تصله موبخاً.
باختصار: الخسيس هو المضر.. فما هو عدد الأخساء في زمن كورونا؟
ومضة: (سوا مثله) وهي جمع أسواء.
اليوم واحنا نتحدث عن الجائحة نقول (إيه سوا مثله)؟
إن كان عملاً مشرفا أو خسيسا.
هذه المفردة قديمة جدا وعاشت مع الآباء والأجداد حتى إن الرجل يسأل زوجته (سويتي چذي) وإلا ما سويتي؟
فيكون الجواب إيه سويت أو (لاء) يا حافظ ما سويت!
آية في القرآن أتذكرها وأنا أكتب (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).
إذن المفردة (سوا مثله) أيضاً تعني قلده!
وأحيانا يستوي الفعل (خيرا أو شرا).
بيت شعر قديم يساوي ما بين الصالح والطالح والفرق بينهما:
ولسن بأسواء فمنهن روضة
تهيج الرياح وغيرها لا تصوح
مثل إنسان يؤجر عمالا يعملون في بيته وعند الحساب يزيد أحدهم من عنده فيحتج عامل آخر عليه فيقول له بالكويتي: إنت ليس بربعك (سوا) انت تنبل كسول خامل وهذا رفيقك (شقردي) هو أحسن منك بالعمل يشتغل كيف أساويك هو احسن منك؟
للتمايز بين اثنين تستخدم ايضا.
آخر الكلام: باللهجة الكويتية القديمة (التدليس) هي السرقات والثراء المحرم القادم من السحت والسرقة والتلاعب بالأسعار والفساد وربما غسيل الأموال وغيرها من هذه الأمور الكريهة.
كل خوفي بعد كورونا تظهر هذه الكلمة من جديد (المدلسون في كورونا).
(الدولسي والمدلسة) قد يظهرون بعد الوباء (الله يكشفهم).
تجار قبل كانوا واضحين وضوح الشمس في رابعة النهار الكويتي الجميل وأصفى من الصفو نفسه، هي (إنسانية صافية) تعلم حقوق الله وحقوق العباد وفوق هذا وذاك سبحان الله (القناعة) المسيطرة على حياتهم وأموالهم.
كانوا لا يدلسون على أحد (البضاعة سليمة وربحهم معتدل ليس فيه سحت) ولا غش ولا مال حرام ولا فوق ولا تحت الطاولة.
قالت العرب دلس لي سلعة اي أخفى.
وكلمة تدليس تعني إخفاء عيب.
مثل حريم هالوقت ربما الشعر مزروع وصناعي ورموش مركبة ونفخ أكثر من مكان وبوتكس وتركيب وتكبير وتصغير إنه التدليس بعينه وعلمه للأسف في زمن الفاشينستات.
زبدة الحچي: هل المرحلة القادمة خرمس؟
الخرمس بالكويتي هي الليالي المظلمة شديدة السواد! ويا خوفي من هذا السواد الحالك!
في الكويت القديمة كان الأطفال يخافون (الخرمس) عندما يحل الظلام بينما الكبار يخافون الأخطار المحدقة بهم مثل الحيوانات والبروز الصخري الأرضي.
كان النواخذة الكبار يخافون هذه الليالي المظلمة ولا يسافرون في هذه الليالي المظلمة (الخرمس)! وهي الليالي الأولى من كل شهر عربي.
في ذاك الزمن لم تكن هناك كهرباء وكان جل العمل ينجز في نور وضوء النهار، فالشمس ونهارها معاش لهم يركضون وراء رزقهم وقبل أن يقبل الليل يكونون قد أنجزوا كل أمورهم ولزموا البيت كما نفعل الآن في زمن كورونا 1441هـ - 2020م.
يا خوفي من (الخرمس الكوروني) - (اللابد) - أي المتخفي في الظلام.
نحسن الظن بربنا وقومنا لكن (الخائن والخسيس ومسود الوجه بأفعاله الشينة) حسيبه الله.
.. وراح يكشفه الله عزّ وجلّ عاجلا غير آجل.
من طبعي التفاؤل وإشاعته، لكن هذا لا يمنع أبدا أن نخاف، فنحن اليوم نعيش (كورونا) وهي وباء ولا نعلم هو وباء من الله عزّ وجلّ أم من صنع يد خسيسة متخفية في الخرمس القادم لنا من الشرق ام من الغرب؟!
آه.. ربما ستتذكرون هذه السطور المحذرة من (الخرمس والخسيس) فكلماتنا العتيچة (أكثر تعبيرا) عن مفردات طلع اليوم.
أتمنى كمواطن يحب وطنه أن تنزاح الغمة والوباء ولا نتجرع (العلقم) وهو شجر كويتي قديم يسمى (الحنظل) ويباع في دكاكين العطارة كدواء وهو شديد المرارة.
الكويت نبيها نظيفة دولة حضارية ليس للفساد فيها مكان.
فيارب خلصنا من كل خسيس واجعل أيامنا القادمة كلها نور ما فيها خرمس..
أتمنى.. وصلتكم الرسالة.. في أمان الله..