[email protected]
إلى الذين يأتون بعدنا والأزمنة اللاحقة.. اعلموا جيداً أن (التباعد) صار واقعاً بين البشر في سنة 1441هـ الموافق 2020م في كل أصقاع المعمورة في مشارق الأرض ومغاربها، فالإنسان عزل نفسه قبل أن يطلب منه الأطباء (التباعد) لمسافة متر ونصف المتر عن أي طرف آخر بمن فيهم كل المراتب بدءا من الوالدين ونزولا إلى أصغر من في عالمك وحياتك.
الناس دخلت عليها ثقافة جديدة مرتبطة بالاحترازات الوقائية، فلا تقارب ولا تلامس، والتزام بلبس الكمام والدسوس والكل يرفع عبارة: «خلك بالبيت - بالشقة - بالشاليه - بالمزرعة - بالجاخور.. اعزل نفسك» بمعنى خلك في حالك وخلني في حالي.
صار الحب الحقيقي الكوروني ان تبتعد عمن تحب لأن هذا «أمر وقتي»، وكما يقولون: فرصة كي تصفو قلوبنا وتهدأ عواطفنا وتسمو عباراتنا.
هكذا «كورونا» عرتنا وكشفت لنا قضايا لم تخطر في بالنا، وفجأة صار الناس يمارسون (التباعد) محبة وخوفا مثلما هي الاشجار المثمرة التي تضحي بثمرها من اجل اسعاد الناس.
في كورونا صرنا نشوف الأمور على حقيقتها (تذوقا وإشباعا).
قال الشاعر:
ولا خير في دنيا بغير صبابة
ولا في نعيم ليس فيه حبيب
مشاهد جديدة دخلت حياتنا حتى الأكياس التي تدخل بيوتنا توضع بالشمس وتعقم، وهكذا امتد الوعي الى ابعد من هذا فصرنا نحتفظ بالمطهر والمعقم في كل مكان حتى السيارة الواقفة عن الاستعمال!
في زمن كورونا زاد التواصل الاجتماعي بين الناس الكترونيا، لأن العلاقات توقفت فلم يعد أحد يزور الآخر، والكل التزم مسكنه طلبا للنجاة، كما ان الأسر داخل البيوت زاد ارتباطها بالصلاة جماعة، ومع فترة المكوث المطول طبعا ازدادت الاحتكاكات ما بين كل الاطراف، لكن (رمضان) يرجع الجميع الى التواصل والاستبشار بعد تناول الفطور ولله الحمد.
صار التباعد فترة (خلوة مع النفس) ومشهدا عاديا وتوازنا عاقلا يمارسه العاقل الفاهم من دون تجريح ولا زيادة او نقصان، اللهم إلا المبتلى.
كم من الازواج اكتشفوا انفسهم في هذا الوباء!
كم أب وأم عرفوا إمكانات وقدرات ومواهب أولادهم وبناتهم!
كم أسرة عانت من الأبناء والتهائهم بالأجهزة الذكية وعدم رغبتهم في نيل العلم عن بعد بالتواصل مع مدارسهم!
٭ ومضة: اليوم الرجل أو المرأة كل منهما من يكبّر عقله ويستوعب ان الاسرة كبارا وصغارا في محنة وأزمة وبلاء وحكرة و.. و.. وهذا يحتاج الى الحكمة والابتسامة والتفويت تجنبا للاحتكاكات حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
عصر كورونا الذي نعيشه يتطلب التباعد وما عليك سوى الصبر حتى يصرف الله عنا هذا البلاء الفيروسي الكوروني، والملجأ هو الله عزّ وجلّ.
قال الشاعر:
وإن بابُ أمرٍ عليك التوى
فشاور لبيباً ولا تعصه
٭ آخر الكلام: في زمن كورونا اكظم غيظك وتجلّد واسمُ بنفسك عن الدنايا والصغائر، وحاول قدر استطاعتك الخروج من هذا الوباء بأقل الأضرار، فالكل (أعصابه) واصلة السماء، وتجنب الاحتكاك المذموم.
٭ زبدة الحچي: أوصي كل أفراد الأسرة اليوم بتذكر قول الله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم - البقرة: 237).
اليوم العاقل من يكبر راسه ويشاهد ويصمت ويفوت ويرمي وراء ظهره، فلا تدقق بأي عبارة او لفظ، واحذر التلاسن واعف واغفر، يقال إن أحد الاعراب طلق خمس نساء! وكيف ذلك؟
كان له اربع زوجات في دار واحدة وعندما عاد الى البيت وجد اثنتين تتشاجران وقد علت صيحاتهما فطلقهما، فقالت الثالثة: أنت امرؤ سوء كيف تفعل هذا؟
قال: وأنت طالق، فقالت الرابعة: لقد تعجلت يا هذا، قال: وأنت طالق!
وعندما علمت امرأة جاره بما فعل قالت له: خيبك الله تطلق نساءك الأربع في يوم واحد؟ فقال: وأنت طالق إن أذن زوجك فصاح زوجها: قد أذنت.. قد أذنت!
في أمان الله.