تقرير «نزاهة» الذي أصدرته مؤخرا فيما يتعلق بقضايا فساد وتجاوزات خطيرة جدا، فبحسب التقرير الصادر عن «نزاهة» أن القضايا المنظورة لدى الجهاز للتحقق منها تشمل 111 قياديا من بينهم 7 وزراء و14 وكيل وزارة و45 وكيل وزارة مساعد.
كثير من تلك القضايا حُفظت إما لعدم اكتمال أركان البلاغ أو لعدم مواءمتها لطابع البلاغ شكلياً، عامة الرقم مخيف جدا.
والهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» عليها أن تعلن وبشكل دوري عن تلك القضايا سواء تلك التي أحيلت للنيابة أو أحيلت لجهات الاختصاص لمزيد من التحقيق او تلك التي حفظت، ولابد ان يكون الإعلان واضحاً وشفافاً ومباشراً ويكون موجهاً للجمهور، فمن حقنا ان نعرف عن ماهية جرائم الفساد تلك وتأثيرها علينا كمواطنين.
***
«نزاهة» مُطالبة ولو شكليا في الوقت الحالي بأن تعقد مؤتمرا بشكل دوري وليكن كل ثلاثة أشهر، تعلن فيه جميع القضايا التي تلقتها ونتيجة توصياتها لتلك القضايا، وان يشمل تقريرها حجم المبالغ المالية التي تم الاستيلاء عليها أو هدرها بسبب تلك القضايا، وان توضح خلال مؤتمرها سبب حفظ بعض البلاغات، فمن حقنا ان نعرف من يسرقنا، وكيف، وما هي الإجراءات التي تمت بحقه، فدور الهيئة ان تعلن هذا للجمهور، فهي ليست جهة استخباراتية تعمل في الخفاء بل تعمل في العلن لا انها يفترض أن تكون أول جهة حكومية تعمل في العلن وأن يكون إعلانها واضحاً وشفافاً.
***
القضايا التي تناولها تقرير «نزاهة» جاءت عن طريق بلاغات خلال عام واحد فقط، هل يعقل ان اتهامات طالت 7 وزراء في تلك البلاغات التي تلقتها «نزاهة» ومجلس الوزراء لم يبحث ولم يعلن ولم يحقق ولم يتخذ أي تدابير تجاه أولئك الوزراء أو الوكلاء أو الوكلاء المساعدين؟!
***
تلك البلاغات تشمل نصف الحكومة وأكثر من نصف قياديي الحكومة، فهل يُعقل أن الحكومة لا تخرج ببيان صحافي تنفي أو تؤكد أو توضح الإجراءات التي ستعتمدها أو تتخذها تجاه ما ورد في التقرير الذي يقول ان نصف الحكومة متهم، وسواء حفظت البلاغات ضد الوزراء أو أخذت طريقها للتحقيق، فلابد ان نعرف ولابد أن يكون الإعلان واضحا وفي مؤتمر صحافي.
***
بحسب تقرير «نزاهة» نصف الحكومة متهمة، وأكثر من نصف القياديين في الحكومة متهمون، وللأسف ان قانون حق الاطلاع على المعلومات الذي أقر أخيرا لن يصبح نافذا إلا بعد ثلاث سنوات، وإلا كنت تقدمت بكتاب خطي لمعرفة كامل تفاصيل قضايا التجاوزات ومعرفة أسماء الوزراء والوكلاء ومساعديهم.
***
هنا جهة رقابية «حكومية» وهي «نزاهة» تتهم نصف الحكومة وفق ما وردها من بلاغات، المفارقة الثانية ان بعض تلك البلاغات بنيت على أساس رصدها عبر«تويتر» بعد أن أثارها مغردون.
وهنا مفارقة ثالثة، فـ «نزاهة» تعترف أنها تستند في التحقيق في البلاغات الواردة إليها إلى ما ينشر في «تويتر» على يد مغردين، والحكومة نفسها تمارس عبر قوانين اقرها مجلس 2013 قمع المغردين، اذا نجد مثلا جهات حكومية كوزارة الصحة ووزارة الداخلية تنهي بياناتها أحيانا بجملة «سنتخذ كافة الاجراءات القانونية ضد كل من قام بنشر الموضوع هذا أو ذاك» وكان الأجدر ان يكتفوا بالنفي بدلا من التهديد.
***
توضيح الواضح: كل تقرير فساد وأنتم بخير.
***
توضيح الأوضح: لو ثبت، أقول لو ثبت ما جاء في تقرير نزاهة لكان حقاً ومستحقاً رحيل نصف الحكومة وإقالة نصف القياديين في الجهات الحكومية.
[email protected]