لا أعتقد أنني سمعت لفظ «الحصان الأسود» بكثرة في حياتي قدر ما سمعته في هذه الانتخابات عند وصف محللين لبعض المرشحين في الدوائر المختلفة ناهيك عن أن التحليل في مجمله خطأ أو تشوبه شوائب التنفيع والمنفعة فإن استخدام المصطلح أصلا في غير محله كوصف مناسب.
***
ويعود أصل استخدام «الحصان الأسود» كوصف إلى رواية «الدوق الصغير» التي كتبها 1881 بنجامين دزرايلي ومنها مقطع أن بطلا لقصة الدوق يحضر سباقا للخيول وعلى غير المتوقع يفوز به حصان داكن اللون لم يكن مرشحا للفوز، ومنها جاء الوصف «الحصان الأسود»، وغلب هذا الوصف في المسابقات الرياضية خاصة كرة القدم ولعل اشهر فريق نال هذا الوصف فريق كرواتيا في كأس العالم 2002.
***
الآن هذا الوصف تكرر بمناسبة ومن غير مناسبة في تحليلات الانتخابات الحالية، وغالبا يستخدم من غير مناسبة، الطريف في الأمر أن بينجامين دزرايلي له رواية أخرى عنوانها «الانتخابات»، عامة أغلب من أطلق عليهم المحللون لدينا وصف «حصان أسود» لا هم بحُصن سوداء ولا هم يحزنون وحظوظهم ليست بأكثر من تحقيق رقم كبير مقارنة بكونه لأول مرة يخوض الانتخابات وربما يتمتعون بحضور جيد إعلاميا ولكن على أرض الواقع لن يحقق حتى المركز الـ 15 وربما أكثر تأخرا.
***
لست ضد التحليل الانتخابي الذي يمارسه البعض كـ «باب رزق»، ولكن على الأقل أن يتم استخدام «شوية منطق» فيما يطرحون أو «شوية مصداقية»، فلا يعقل ان تكون محللا انتخابيا وتتحدث دون أرقام أو دراسة أو حتى استطلاع رأي علمي، ووسيلتك الوحيدة «كلام في كلام»!
***
أذكر أنني التقيت بمحلل انتخابي وطرح قراءة سريعة في دائرة من الدوائر ومن بين الأسماء التي طرحها مرشح متوفى وكان يقارن الحظوظ مع حظوظ المرشح الراحل حتى نبهناه بعد أن منحناه مساحة طويلة من السرد «الحلمنتيشي»، أي تركناه على عماه عمدا، فقال: «الله يرحمه ما دريت انه مات»، وحاول لملمة قطع وجهه المتناثرة، وقال: «للأسف آخر تحديث لمعلوماتي عن الدائرة كانت قبل سنتين»، هذا الذي طرح مرشحا ميتا للمنافسة على كرسي البرلمان لا يزال مستمرا ومثله كذا واحد.
***
عموما عصا الصناديق ستكشف زيف ثعابين المحللين، ويوم الخامس من ديسمبر ستصبح تحليلاتهم أضغاث أحلام ككل انتخابات، وبالمناسبة لا توجد حصن سوداء في الدوائر الخمس، أي لا مفاجآت.
***
توضيح الواضح: نعم لن تتضح الصورة للسباق الانتخابي سوى بعد 30 نوفمبر الجاري.
[email protected]