الواضح أن الحكومة وبأكثر من إجراء تقوم بتصعيد سياسي غير مبرر، فهي ليست بحاجة إلى مثل هذا التصعيد، خاصة انها تمتلك كل خيوط العملية السياسية، وحتى الخيوط التي كانت بيد النواب عطلتها أو علقتها مؤقتا، لذا يبدو من غير المنطقي أن تلجأ إلى مزيد من التصعيد كما تفعل هذين اليومين، والواضح أيضا أن التصعيد لا يستهدف النواب فقط بل أيضا الإصلاحيين والمعارضين من خارج القاعة، وهذا أيضا تصعيد غير مفهوم أو غير واضح الهدف، إذ إن الإصلاحيين لا يملكون ما يمكن أن يعطل أو يؤثر على أي قرار أو توجه حكومي ولو بنسبة 1%.
***
ولكن مع القراءة المتأنية للمشهد يتضح أن الحكومة بخطواتها التصعيدية تلك تسعى لخلق حالة حكومية جديدة غير مهادنة، أو بالأصح خلق نهج حكومي جديد في التعامل مع المعارضة داخل المجلس وخارجه، شخصية حكومية مختلفة، ليس نهجا فقط بل والتعاطي مع جميع الحركات السياسية بشيء من الحدة.
***
هذه الحكومة الجديدة بشخصيتها المغايرة للحكومات السابقة المهادنة لا أعتقد أنها ستنجح في تحقيق شيء على أرض الواقع على المدى الطويل، ربما تنجح إلى حد ما وحد كبير أيضا في وقف الاندفاع النيابي، وربما تسهم شخصيتها الجديدة غير المهادنة في تغيير مواقف بعض النواب متأرجحي المواقف، بل ويمكن أن تخفف من حدة الاستجوابات، ولكن على المدى الطويل لن يكون هذا الأسلوب السياسي القاسي في التعامل الحكومي مع البرلمان ذا جدوى، إذ بطبيعة الحال ستقابله حالة عناد برلمانية أخرى خاصة أن شكل ومزاج الكتل السياسية الجديدة والنواب المستقلين لم تتضح كامل توجهاتهم ويمكن أن يتحولوا بسبب هذا التغيير في النهج الحكومي إلى معارضة أكثر من شرسة، لا بل ربما يكونون رأس حربة الهجوم على الحكومة.
***
كما ذكرت كل إجراءات التصعيد الحكومية الأخيرة غير مبررة منطقيا، خاصة أن الواقع السياسي يقول إنه لا حاجة لها على الإطلاق، إلا إذا كان هذا تمهيدا لتغيير سياسي قادم لا يتحقق حدوثه إلا بتصعيد كهذا، وهذا التفسير الوحيد لما يحدث الآن.
***
توضيح الواضح: لننتظر ونرَ، فالشهر القادم أيامه حبلى بالمفاجآت على ما يبدو.
[email protected]