قبل تناول المشهد السياسي بالتحليل، علينا أولا أن نفرق بين أمرين مهمين جدا، أولا أن الحكومة بأعضائها موظفون سياسيون، وثانيا أنهم موظفون تنفيذيون من الجانب الآخر، وذلك حتى يمكن أن نخرج بقراءة أدق عند تحليل أي موقف سياسي، فالوزير وإن كان مسؤولا سياسيا فهو أيضا محاسب كمسؤول تنفيذي، والخطأ يحدث عند تناول أي قضية تتدخل فيها الحكومة ويعجز المتابع عن فهم إذا كان قرار الوزير نابعا من حكم سياسي أو انه منبثق عن كونه مسؤولا تنفيذيا.
***
ما ذكرته سابقا هو الوضع الطبيعي بحسب الشكل السياسي المعمول به لدينا، ولكن الحقيقة أنه متى ما غلب الجانب السياسي على الأداء التنفيذي سقطت الحكومة في فخ التجاذبات السياسية وجرّت معها المجلس إلى حرب صغيرة قد تنتهي باستجواب ينتهي بدوره باستقالة حكومة أو رحيل وزير.
***
وبسبب هذا الخلط بين التنفيذي والسياسي، خسرنا وزراء تنفيذيين جيدين لأنه تمت محاسبتهم سياسيا، ولعل أبرز من تعرضوا لحالة الخلط هذه هو الوزير الناجح جدا الشيخ سلمان الحمود، ولا أدلَّ على نجاحه سوى أن نجاحاته من أن التغييرات في وزارة الإعلام لا تزال تعمل، وحتى وصوله الطيران المدني.
***
كما ذكرت قد تأتي الحكومة بوزير تكنوقراط في مجاله وتخصصه ولكن السياسة تأتي موجتها أعلى ويتم إسقاطه أو تحجيمه لسبب أو لآخر، وأن التلويحات بالاستجوابات مؤخرا ليست إلا جزءا من أسلوب المعارضة لضرب استقرارها الذي ما جاء إلا على استقرار المعارضة، هل تقوم المعارضة بالانتقام اليوم؟!
في الحقيقة: نعم، سياسيا معها كل الحق، أما فنيا أو على الأقل من أجل المصلحة العامة كان عليها أن تنتظر قليلا.
***
وإذا ما أرادت المعارضة أن تؤدي دورها الرقابي بشكل واضح فعليها أن تستهدف الوزراء «الثقال سياسياً» دون رئيس الوزراء، كوني أعتقد أن ذلك سيحرج الحكومة ويؤدي إلى خلط الأوراق، خاصة في ظل عدم وجود تجانس مأمول في مجلس الوزراء.
وكما ذكرت في مقالي قبل يومين أن المعارضة يمكن أن تستغل حالة عدم الاستقرار وتضرب باستجواب جديد.
***
طبعا أنا مع الاستجواب كونه أداة دستورية وحقا أصيلا للنائب، ولكن من الحصافة السياسية أن توقف المعارضة قطارها قليلا وتهدئ سرعته حتى تعرف على الأقل إلى أين يسير الجميع.
ليس هذا فحسب بل إن البلد بحاجة إلى وقفة شاملة من جميع الأطراف لمراجعة ما حدث وما يحدث وما سيحدث، وأن يقوم الجميع بالتحرك وفق هذه القراءات.
[email protected]