فهمت كل ما جاء في كلمة سمو رئيس مجلس الوزراء التي بثت مسجلة في المؤتمر السنوي لاتحاد طلبة أميركا عدا جملة واحدة لم أفهمها وهي: «نتقبل وجهات النظر بانفتاح»، لم أبلعها، بل إنني أعدت قراءتها مرة ومرتين وثلاثة حاولت أن أحشرها في دماغي فعجزت، حاولت أن أعلقها على صدر حائط مشهدنا السياسي فكانت تقع في كل مرة.
فالجميع يعلم أن هناك كاتبا كويتيا اسمه محمد عبدالقادر الجاسم سجن بسبب وجهة نظر، حسنا لنقل انه تجاوز وجهة النظر إلى ما هو أبعد، ولكن ماذا عن «الانفتاح» الذي ورد في الجملة، الانفتاح هنا مطلق ويجب أن يكون مطلقا في بلد يسعى نحو الكمال الديموقراطي، أعني القول بـ «نتقبل بانفتاح» وهي الجملة التي لابد وأن تأتي متوازنة مع ما يحدث على أرض الواقع المظلل بدستورنا.
الكلام سهل ولا يوجد أسهل من تصفيفه وتنميقه وتهذيبه، ولكن الصعب هو مدى مطابقة ما نقوله مع الواقع، لا يمكن أن نقول أن الدنيا أظملت في الساعة السابعة صباحا، كما أنه لا يمكن أن نقول أن حكومتنا «تتقبل وجهات النظر بانفتاح» وهناك محكوم بسنة سجن بسبب رأيه.
الجاسم قال رأيه، قال ما يعتقد به، مارس ما يعتقد أنه مباح، تجاوز في رأيه، نعم تجاوز، ولكن الحكومة تجاوزت أيضا في خصومتها للكتاب وبانتقائية شديدة، هناك أخطاء في الحكومة وأخطاء في الممارسات ولا يمكن السكوت عنها.
هل تريدونها مقالات «كله تمام يا افندم»، لا، فالأخطاء موجودة ما وجد البشر، ولا يوجد في الدنيا بلد كله يعمل وفق شعار «كله تمام يا افندم» إلا البلدان العربية، ومؤخرا انتقلت العدوى إلينا بفضل ملاحقة الكتاب قضائيا.
هل تريدونها بلد «كله تمام يا أفندم»؟ سنوافقكم ولكن حاسبوا المقصرين وعلقوا مشانق المحاسبة لكل مخطئ ومتجاوز وسارق للمال العام، وانقلوا مشاريعكم المليارية من الورق إلى أرض الواقع دعونا نراها رأي العين.
إذا كان القصد من إيراد تلك الجملة هو لأنها ستقال في أميركا، في محاولة لتحسين صورتنا في بلاد العم سام، فلا أعتقد أن تحسين الصور يأتي بإطلاق الخطب الرنانة بل عبر الممارسة الحقيقية.
[email protected]