ذعار الرشيدي
يقول محمد صبحي عندما لعب شخصية الديكتاتور في مسرحية «تخاريف» عندي حل للمشكلة المرورية.. نعم الشوارع كلها طريق واحد..عشان اللي يروح ما يرجعش.. واعتقد ان في هذه الجملة الساخرة حلا ناجعا ونهائيا وابديا لمشكلتنا المرورية في الكويت، «عشان اللي يروح ما ترده الا المراكز».
ولكن جاء الفرج اخيرا باستعانة وزارة الاشغال بخبير عالمي، قبض نحو 19 مليون دينار كويتي نظير دراسة شاملة لاعادة تخطيط هيكلة الطرق في البلاد، ودراسته قدمت قبل شهر تقريبا، ومن واقع عرضه قدم تصورا كاملا تضمن بناء انفاق وجسور معلقة وتوسعة شاملة وتحويل طرقات، وهذا الخبير العالمي اسمه كيم ويتحدث العربية بطلاقة وقدم دراسات مماثلة لعدد من الدول الخليجية.
والدراسة كما ابلغني احد المسؤولين في وزارة الاشغال انها تشكل في حال تنفيذها حلا نهائيا لمشكلة الازمة المرورية لا لعام واحد ولا لعامين بل لعقدين من الزمان، على اقل تقدير خاصة ان الدراسة وضعت في الحسبان التوسعات العمرانية وزيادة عدد السكان المتوقعة للسنوات القادمة بشكل مطرد وفقا للدراسات الاستشرافية التي قدمت معها، ولا ينقص الدراسة سوى قرار تخصيص ميزانية شاملة بعد عرض جدواها على مجلس الوزراء يعقبها قرار فوري بالتنفيذ.
مشكلتنا ليست في وجود دراسة من هذا النوع، بل في صاحب القرار، الذي سيطلق هذه العملية الحيوية، ومن يتحجج بالتكلفة التي ربما تتجاوز رقما كبيرا من المليارات، فليسأل اي اقتصادي عن الخسائر التي تتسبب فيها الازمة المرورية سنويا، وبحسب ما ذكرت صحيفة الحياة ان ازمة المرور تكبد دبي مليارا و600 الف دولار سنويا بسبب الوقت الطويل الذي يمضيه السكان فيها يوميا للانتقال من مكان الى آخر، واعتقد اننا ومقارنة بدبي حجما وتعدادا فإن مبلغ خسارتنا سنويا بسبب الزحمة يقترب من هذا الرقم كثيرا، وهذا يعني اننا خلال 10 سنوات سنكون قد خسرنا 16 مليار دولار، اي ان هذا المبلغ سيذهب هباء منثورا بسبب الزحمة.
16 مليار دولار نحن نعلم اننا سنخسرها مسبقا خلال السنوات العشر القادمة، والدراسة فيما لو تم تنفيذها ستوفر علينا هذا المبلغ الذي سنخسره بأي حال من الاحوال دون اي فائدة ترجى، ومن غير حسبة جدوى اقتصادية سنجد اننا لو دفعنا 16 مليار دولار او حتى 20 مليارا فنحن الرابحون في النهاية.
اتمنى فعلا ان نجد صاحب القرار، مشكلة جميع وزاراتنا غياب صاحب القرار وكذلك صاحب الرؤية.
المسألة بحاجة الى قرار فوري وحاسم لا تردد فيه.
الازمة المرورية كما قال وكيل وزارة الاشغال عبدالعزيز الكليب قبل عامين «ان الكويت لتتحول الى مركز تجاري واقتصادي يستلزم تحولات كثيرة من ابرز اشكالها الازدحام المروري».
المهندس الكليب ليس اقتصاديا ولكنه مهندس وقبل عامين قرع هذا الجرس الخطير وللاسف ان الحكومة لم تنتبه لمثل هذا التنبيه، لذا هلا انتبهت الحكومة ووفرت المليارات الـ16 الضائعة سلفا واستمعت لوكيل الوزارة المهندس عبدالعزيز الكليب واطلقت قرارا فوريا بتنفيذ الدراسة التي كلفت الملايين، وهو رقم لا يتعدى ربع دينار في ظل الخسائر المتوقعة.