ذعار الرشيدي
معظم الاستجوابات التي قدمت خلال السنوات الماضية تنطلق من قاعدة فكاهية اسمها «ليش مو لابس قحفية؟» و«القحفية» لغير الناطقين بالكويتية هي غطاء الرأس الصغير الذي نضعه فوق رؤوسنا لزوم تثبيت الغترة أو الشماغ (كل بحسب منطقته)، وتقول النكتة ان نمرا تعمد ضرب القردة في الغابة موجها لكل قرد يقابله سؤالا قبل ضربه والسؤال هو «ليش مو لابس قحفية؟»، طبعا القردة ساءهم الأمر وجمعوا وفدا، بينهم من كُسرت أضلعه ومنهم من أطار النمر عينه وآخر كسر له رقبته ورابع تسبب له بديسك مزمن جراء الضرب المبرح، وشكا الوفد تصرفات النمر لأسد الغابة وملكها، وبما أن الملك الهزبر لا يستطيع أن يأمر النمر فقد استدعاه لاجتماع عاجل وطلب منه بديبلوماسية أن يجد له مبررا غير القحفية لضرب القردة، وقال له الأسد: «قبل أن تشرع بضرب أي قرد عليك أن تطلب أن يحضر لك تفاحة، فإن أحضرها حمراء فاضربه وقل له لماذا لم تحضرها خضراء والعكس»، اقتنع النمر، وخرج من اجتماعه مع الأسد إلى الغابة ومع أول قرد صادفه قال له: «أنت.. أحضر لي تفاحة» وهنا رد القرد بتلقائية «هل تريدها حمراء أم خضراء يا سيدي؟»، ولا شعوريا قام النمر بصفع القرد قائلا له بغضب: «طيب أنت ليش مو لابس قحفية؟».
هذه القصة التي وردت في أحد أجزاء كليلة ودمنة «المحدثة» وتروي واقعنا بل تكاد تتطابق مع أغلب الاستجوابات، فبعضها موضوع بشكل آلي ليخرج كيفما اتفق، سواء أصلح الوزير أم لم يصلح، أخطأ أم لم يخطئ، حسم أم لم يحسم، لبس «قحفية» أم لم يلبس، فهو يريد رأسه، أغلب الاستجوابات كان يريد أصحابها رأس الناطور، أحدا منهم لم يفكر بالعنب، بل حتى لو وضع العنب بين شفتيه للفظه وقال: «طيب ليش مو لابس قحفية؟».
حقيقة أن أحدا من المستجوبين لا يريد القحفية، بل كلهم يريدون الرأس الذي تحت القحفية، أما لماذا يريدونها فتعددت الأسباب والاستجواب واحد.
هل تعتقدون أنهم يريدون الإصلاح في معظم الاستجوابات بدءا من عام 1992 وحتى اليوم؟ قبل أن نبحث عن إجابة مقنعة، لنقرأ الاستجواب الأخير بمحاوره لنجد أنها ليست أكثر من تراكمات سنوات طويلة وتركة كبيرة لم يتم توزيعها بالشكل المناسب.
الاستجواب حق دستوري لا يمكن لأحد أن يساوم النواب عليه أو يمنعهم عنه، ولكن شريطة ألا يكون استجواب عنوانه العريض «ليش مو لابس قحفية؟».