بالأمس وارى الثرى جثمان العم مضحي مجبل النمران أحد وجهاء منطقة الفروانية خاصة والكويت عامة، ووالله انه من القلة الذين يقال عنهم في مساء رحيلهم إنه «فقيدة»، فقد كان (رحمه الله) صاحب خبايا خير لا يعلمها الكثيرون حتى ممن هم أقرب الناس إليه أو قلة قليلة منهم، حتى انا وأنا الإعلامي الذي أعرفه وأعرف كثيرا من أبناء عائلته لكونهم ابناء عمومتي لم أكن أعلم أو لم أعلم عن جزء من مآثره التي لا يعلمها الكثيرون سوى بالأمس عندما تناقلنا خبر رحيله، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ولأن الطيبين الصالحين المتصدقين لا تفوح رائحة خباياهم في الخير الا يوم رحيلهم أو بعد رحيلهم، عملا بمبدأ «بما لا تعلم شمالهم»، فالعم مضحي وان كنا نعرف انه رجل خير ويتصدق ويساعد الآخرين ممن يلجأون اليه الا ان ما خبأه كان اكبر بكثير، وممن تداولنا وتناولنا بالامس عنه، رحمه الله، قصة انه قام بإعدام ديون الناس بعد التحرير، ومسح دفاتره كلها التي كانت تحوي اسماء افراد وشركات ومؤسسات مطالبة بديون لبضائع او غيرها قبل الغزو لشركته المتخصصة ببناء وتأجير الخيام.
الراحل مضحي النمران قرر ان يعدم ديون الناس وقال لانه:«بايحتهم كلهم».
اسمه، رحمه الله، كان علامة تجارية مسجلة فله الريادة في انه صاحب شركة تنتج افضل وأفخم أنواع الخيام في الخليج العربي كافة من شماله الى جنوبه، ولتجارته الرائدة تلك قصة اخرى، ولكن الأهم فيها انه عندما تم تكليفه في عام ١٩٨٧ بتجهيز قاعة مؤقتة للقمة من قبل الديوان الاميري يومها رفض ان يتقاضى اي مبلغ نظير ذلك العمل، معتبرا ان ذلك جزء من واجبه ككويتي وان ضيوف الكويت ضيوفه، وفي اكثر من مناسبة وطنية عندما يتم تكليفه ببناء قاعة او خيمة مؤتمرات كان يرفض تماما اي مبلغ ويعتبر ما قدمه جزءا من مساهمته المجتمعية كتاجر، ومنها افتتاح مشروع القرين ومشروع التل الأخضر وكل احتفالات ساحة العلم كان يتقدم لها كمتبرع، ومع هذا لم يكن يذكر ابدا هذا الامر ولم يتاجر به، وشخصبا لم أعلم به كما لم يعلم به غيري حتى من المقربين الا بالامس عندما تبادلنا خبر رحيله وبدأت سيرة عطر أفعاله تنتشر من شخص الى آخر، كما قلت وكأن الموت يفتح خزائن اسرار خبايا الطيبين أمثال مضحي مجبل النمران، وهم في هذا البلد، ولله الحمد، كثر.
أعدم ديون من تطالبهم شركته، وتبرع لبلده في المناسبات الكبرى والوطنية، جزء مما علمنا وما لا نعلم وهو خبيئته مع الله فبينه وبين ربه، أسال الله العلي القدير ان يبدل سيئاته حسنات وان يضاعف له وان يوسع عليه قبره وينير وحشته ويفتح على قبره روضة من رياض الجنة، وان يلهم ذويه الصبر والسلوان، وخالص عزائي لعائلة النمران الكريمة ولأبنائه خاصة.
[email protected]