وجهة النظر الفنية الاقتصادية العلمية لمبدأ إسقاط القروض اذا ما وضعناها في حساب العلم الاقتصادي فإنه ما من عاقل يقول أو يؤيد إسقاط القروض عن أكثر من 400 ألف مقترض، بغض النظر عن القول بعدالة أو عدم عدالة هذا الإجراء، فإن أول وأبرز تأثيرات إسقاط القروض عن المواطنين المقترضين أو شراء الدولة للقروض يعني ببساطة شديدة إدخال البلد في حالة تضخم لامتناهية، بالعربي البسيط أنه في حال إسقاط القروض فإن ما سيحصل هو أن ما تشتريه اليوم بـ 10 دنانير سيصبح سعره 20 دينارا في أقل من 6 أشهر، أي ان إسقاط القروض سيرفع من معدل التضخم بنسبة 100% في أقل من عام ما سيتسبب بكارثة اقتصادية حقيقية على البلد وسكان البلد، فأنت هنا بشراء القروض ستحل مشكلة وتخلق مشكلة أخرى تأثيراتها ستستمر لسنوات طويلة يعاني منها الجميع، فبعد إسقاط القروض وما يعقبه من ارتياح مالي للمقترضين الذين ستسقط قروضهم ستفتح بابا للتضخم لا يمكن غلقه، فعندما تشتري اليوم علبة الكولا بـ 100 فلس سيصبح سعرها بعد التضخم الناتج عن إسقاط القروض بـ 150 إلى 200 فلس في غضون اقل من عام من بدء إسقاط القروض.
***
ما ذكرته أعلاه هي النتيجة الحتمية لما سيحدث في حال تم إسقاط القروض وهو ما يحذر منه جميع الاقتصاديين الفنيين المتخصصين في هذا المجال، حتى ان أحدهم قال: «لو أحرقت الحكومة 12 مليار دينار لكان خيرا لها ولنا من دفعها لتسديد القروض، لما سينتج عنه من حالة تضخم لا يمكن السيطرة عليها»، وأنا للأمانة أصدق الاقتصاديين المتخصصين وأعلم أنهم لا ينطقون عن هوى، ولكن، ما يقولونه كان يمكن أن يكون صحيحا لو كنا بلدا يسير وفق قواعد الاقتصاد السليمة، ونحن لسنا كذلك ولم نكن يوما كذلك، فنحن بلد اقتصاده كله مبني على ما تلقي له الدولة به، لذا نحن لسنا كما يعتقدون، فمثلا البورصة لدينا لا تتأثر بالتأثيرات السياسية على عكس كل دول كوكب الأرض، فمثلا نحن في يوم استجواب برلماني تكون بورصاتنا خضراء لا تتأثر، رغم أنها لو كانت في بلد آخر وبسبب الاضطراب السياسي بسبب الاستجواب لانهارت البورصة، ولكن هذا لا يحدث لدينا، لأن بلدنا خارج كل الحسابات الاقتصادية المعروفة، لذا لو أسقطت القروض غدا فلن يحصل التضخم الذي يعتقدون انه سيحصل، لأن بلدنا لديه خصوصية اقتصادية تقول انه «ما لنا شغل بعلم الاقتصاد أو تأثيراته»، ولدينا حالة اقتصادية خاصة مفادها ان الدولة تأخذ الشكل الاقتصادي ولكنها في الداخل دولة رعوية بامتياز، أي ان اقتصادها لا يتشابه مع اقتصاد أي دولة في العالم يمكن القياس عليها، لذا لو أسقطت القروض فلن يحدث التضخم الذي يتوقعه الاقتصاديون، بل سيكون إسقاط القروض حدثا عاديا جدا، والناس سيتم «تصفير» مديونياتها، ويقترضون من جديد، والأمور طيبة وحنا بخير.
***
لابد ان يعي الاقتصاديون الرافضون لإسقاط القروض أن حالتنا الكويتية حالة خاصة جدا ولا يمكن قياسها على أي حالة أخرى في أي بلد آخر، لأننا دولة تعمل بمفهوم «الرعوية الاقتصادية» للشعب بشكل غير موجود في دولة من دول العالم، ولهذا السبب إسقاط القروض عن المواطنين لن يؤدي إلى التأثير الذي يعتقدونه.
[email protected]