مما لا شك فيه انه ليس لدينا فساد منظم، بل المشكلة الحقيقية هي وجود هياكل ادارية مترهلة تتسبب في خلق بيئة خصبة للفساد، بمعنى اكثر دقة وللتوضيح فقط، الهياكل الإدارية المترهلة تسهم في وصول اداري فاشل غالبا وبالتالي ليس بالضرورة ان يكون هذا الاداري الفاشل فاسدا بل قراراته تؤدي بالضرورة الى الفساد.
لمحاربة الفساد وقبل ان نحيل هؤلاء وأولئك الى القضاء بتهم تتعلق بتبديد المال العام او الاستيلاء عليه يجب اولا ان نقوم بإعادة نسف المنظومة الإدارية بأكملها، فهذه المنظومة الهيكلية الهرمية التي تعتمد على المركزية قتلت روح المبادرة والابتكار وجعلت القرارات الإدارية المهمة في يد من يصل اولا الى الكرسي الأعلى في الهرمية الإدارية بمنصب تنفيذي حتى ولو كان لا يفهم ألف باء الادارة او يعي جدوى قراراته وتأثيراتها على المصلحة العامة.
***
رؤية ٢٠٣٥ لن تتحقق مادامت المنظومة الإدارية تعتمد على قرارات وتشكيلات ادارية هرمية مركزية عمرها اكثر من ٥٠ عاما، لم تتغير ولم تتبدل، اليوم يخرج علينا من يريد تعديل او تنقيح الدستور، والدستور ما فيه الا العافية رغم جمود مواد، وكان الاجدر ان يطالبوا بنسف المنظومة الإدارية بأكملها في المؤسسات الحكومية، وإعادة ترتيبها بما يتواءم مع العصر الحالي لجعلها اكثر حركة وأكثر حيوية في اتخاذ القرارات ومعها تقليص الدورة المستندية الى ايام وليس اشهرا، والاهم جعل كل الرقابة لاحقة، أما سياسة حاسبه قبل ان يعمل وحاسبه وهو يعمل وحاسبه بعد ان ينتهي من عمله مع هذه الفوضى الإدارية التقليدية فلن تتحقق رؤية ٢٠٣٥ ولا حتى ٢٠٥٠.
***
وثبت بالدليل ان الرقابة السابقة للمشاريع لم تقض على الفساد، ومعها الرقابة اللاحقة أيضا لكل الأجهزة الرقابية بدءا من ديوان المحاسبة ومجلس الامة وجهاز المراقبين، وهي اجهزة تعمل بكفاءة حسب قوانينها، ولكن مع وجود بيئة ادارية مترهلة لن تنفع ولو جعلتم السي آي ايه تراقب كل المشاريع.
***
توضيح الواضح: عيدكم مبارك وتقبل الله طاعتكم.
[email protected]