عقد الأمل لحل مشكلة ما وربطها بوجود شخص واحد ليكون فارس الحل لها، كارثة لها وجهان، الأول ان يسقط كل الظن في الشخص الذي تعقد املك عليه في حال لم يستطع حل المشكلة كما تأمل، وبالتالي يسقط الأمل كله ومعه أشياء أخرى، وثانيا أن يطول انتظار فارس الحل... أو البطل المخلص الذي قد لا يأتي أبدا أو يأتي وينتهي به الأمر خارج دائرة الأمل.
***
البطل المخلص هنا كفكرة هي فكرة اتكالية، او تحمل روحا اتكالية في دواخل أنفس منتظري الحل على يد ذلك البطل المنتظر، هم لا يريدون ان يفعلوا شيئا، يريدون ان يجلسوا على الكنبة وينتظرون بطلا ما او مخلصا ما ليأتي ويصحح الأوضاع ويرفع الظلم، وكل منهم «منسدح» و«منشكح» في منزله او على المقهى يتفرج على نتائج معركة البطل الذي ينتظره.
***
طبعا نظرية المخلص متكررة في اكثر من ثقافة شعبية او دينية، ووجودها لا بأس بها وللمؤمنين بها، وهي حقيقة دينية خالصة ليس هنا المجال لمناقشتها خاصة وان قصص المخلص تأتي في آخر الزمان، وإلى هنا لا بأس والإيمان بها وتداولها والاعتقاد بها حميد في حدوده الدينية التي تحترم، ولكن ان يفترض الناس بوجود مخلص سياسي في كل حقبة وانه هو الذي سيأتي ليغير الواقع السيئ أو الواقع المقلوب فهذه كارثة، بل مصيبة، فالناس وبسبب تعلقهم بوجود بطل ما او مخلص ما تجعلهم كما ذكرت يركنون إلى الاتكالية، وتجعلهم يتكاسلون عن أداء الحد الأدنى للتغير الذي يمكن ان يحدثه أي منهم، فيركنون الى الكسل والجلوس على الكنبة بانتظار شخص ما أو حزب ما أو جماعة ما لأخذ حقوقهم نيابة عنهم، وتعديل الواقع لهم دون تدخّل منهم.
***
في الواقع السياسي الكويتي بدأت تظهر هذه الفكرة منذ زمن، بل ظهرت وانتهت وتم انتاج اكثر من بطل سياسي خلال الحقب الماضية، كلهم او اغلبهم على الاقل انتهوا بطريقة صادمة للجميع، والحقيقة انه وبدلا من انتظار البطل السياسي المخلص الشهم المغوار المصادم فالأفضل كمواطن ان تخرج البطل السياسي الذي بداخلك بدلا من ان تنتظر شخصا ما يقوم بهذا الدور نيابة عنك.
***
صناعة الأبطال السياسيين في اذهان العامة، ثقافة كسولة دفعت ليس الكويتيين فقط بل العالم العربي كافة الى افتراض اختزال الإصلاح بأشخاص بعينهم باعتقاد انهم سينهضون من تحت رماد الفساد ويغيرون الواقع المر الذي يعيشونه، في حين لو أن كل فرد في مجتمعه مارس دوره الاصلاحي البسيط في أداء وظيفته ونشر حالة الوعي وتربية ابنائه بشكل صحيح لخُلق لدينا جيل كامل من الأبطال ولما كنا بحاجة كل فترة إلى انتظار بطل ما نعلق عليه آمال ان يصلح ما فسد بسبب كسلنا او فساد ما.
***
حالة الإصلاح السياسي التي نريدها ليست مباراة كرة قدم نعلق آمالنا فيها على هداف يسجل هدف الفوز لنا، بل هو عمل مجتمعي جماعي يشارك فيه الشعب، ومتى ما تغير تفكيرنا ومتى ما توقفنا على ان فلان سينقذنا او ان فلانا كان منقذنا وبدأنا بالعمل بأنفسنا فردا فردا وأصبحنا كلنا مخلصين ونسعى لهدف الفوز... هنا فقط ستنهض الأمة.
[email protected]