برأيي أن الخدعة يمكن أن تستمر في أن تنطلي على الناس إذا ما تم تغيير مسمى الخدعة، اذكر بأواخر التسعينيات وأوائل «الألفين» ظهرت موجة وهوجة دورات علم البرمجة اللغوية العصبية وصار لها نجوم ومدربون ومحاضرون، ذلك العلم الذي تبين لاحقا انه «لا علم ولا هم يحزنون» بل اغلبه وسيلة لشفط جيوب الكسالى من الباحثين عن الأشياء الغريبة الجديدة، وأتذكر أنني ومجموعة من الزملاء الصحافيين كل في صحيفته وبطريقته أجرينا مجموعة من التحقيقات الاستقصائية التي أثبتنا خلالها مدى حجم خدعة تلك الدورات وتم وقفها أو إخضاعها للجهات الرقابية ما جعلها تنتهي إلى حد كبير، وبعضهم كانت إعلانات دوراتهم «الفارغة» تملأ الصحف بشكل يومي حتى اختفت تقريبا.
***
هم أنفسهم الآن يخرجون بشكل جديد، وهو التنمية البشرية أو الحياتية كما يقولون، والحقيقة انهم وان كانوا افضل من ربع البرمجة العصبية إلا أن ما يقدمونه لا يخضع لأي نوع من أنواع الرقابة من أي جهة تثبت أو تنفي جودة ما يقدمونه، فبالنهاية هم يقدمون «خدمة» ويتقاضون أموالا نظير دوراتهم من كل شخص، ولكن السؤال هو لأي جهة يخضعون إذا اختلفت معهم أو وجدت أن ما يقدمونه غير ذي فائدة؟ دوراتهم اغلبها، من خلال اطلاعي على ما يقدمه أغلب من في الكويت من هؤلاء المدربين، وجدت أن القصة لا تعدو كونها حديثا تحفيزيا في الغالب، كالذي يقدمه القائد لجنوده قبل المعركة، أو الحديث الذي يلقيه المدرب على لاعبيه، الأمر مجرد حديث محفز ولكنه غير ذي قيمة مضافة، والدورة في النهاية كمشارك لا تؤهلك لا علميا ولا عمليا لأي منصب أو ترقٍّ، بل مجرد ورقة تثبت انك حضرت دورة فلان الفلان، فلا التجارة تعترف بها ولا ديوان الخدمة يعترف بها ولا التعليم العالي ولا حتى ولد جيرانكم «اللي ما خلص المتوسطة» راح يعترف فيها.
***
هم أنفسهم أصحاب دورات البرمجة اللغوية العصبية بعضهم يعودون اليوم بدورات التنمية البشرية التي يرفض أسلوبها وطريقة مدربيها ومناهجهم علماء النفس باعتبار ما يقدمونه عموميات لا ترقى لتحقيق أي فائدة حقيقية.
***
هذه الدورات مثل البرمجة والتنمية والحياتية والطاقة مثلها مثل المصارعة الحرة، كما أن المصارعة الحرة غير حقيقية لدرجة أنها لا تعد ضمن الألعاب الأولمبية وأبطالها نجوم تلفزيونيون لا أكثر، كذلك دورات البرمجة وشقيقاتها ليست حقيقية لأنه ليست هناك جهة عمل حكومية أو خاصة تقوم بطلب تعيين مثل هؤلاء من المدربين ولا متدربيهم، وكل مجال عملهم دورات خاصة يغلب عليها طابع الحديث التحفيزي للمشتركين.
***
المهم الآن أن نعرف من هي الجهة التي تراقب أو تنظم مقدمي هذه الخدمة ومن يراجع الشهادات التي يعلن بعض المدربين انهم يمتلكونها، فهل هي التجارة أم التربية؟!
[email protected]