لطالما كان د.عبدالله النفيسي مثار جدل، بل إنه تحول في أحيان كثيرة من شخص مثير للجدل إلى مادة مثيرة للجدل سواء في أطروحاته أو آرائه السياسية البسيطة.
****
وهذا الأمر استمر حتى في آخر لقاءاته التي أجراها معه الإعلامي عمار تقي في برنامج الصندوق الأسود، ففي كل حلقة هناك تساؤل يُطرح ونقد يُلقى على قارعة ما قال النفيسي، بين متهم له بالتناقض ومتهم له بأنه أخطأ في طرح حقيقة لا تتسق مع المعطيات التاريخية المتاحة حول أحداث أو شخصيات جاء على ذكرها.
****
وربما بل انه من المؤكد ان هناك تناقضات وردت على لسان النفيسي في سلسلة الحلقات التي جاوزت حتى الأمس الست عشرة ساعة، ولكن لتلك التناقضات مبرراتها، بل ومسوغاتها التي لا يمكن إغفالها او التغاضي عنها، فأولا النفيسي ناهز عمره الـ 75 عاما، ويروي أحداثا بعضها أو معظمها مضى عليها اكثر من 40 عاما، فمن الطبيعي أن تخونه ذاكرته - بحكم العمر- في سرد حدث أو تحديد حدث بعينه بشكل دقيق، وهذا يحسب له لا عليه.
****
ثانيا ما يرويه النفيسي هو خلاصة تجربة شخصية وعملية وسياسية عمرها اكثر من 50 عاما، فالسقوط في خانة الخطأ ليس واردا فحسب، بل إنه منطقي لرجل يحمل تجربة بهذا الحجم التي توازي النصف قرن من الزمان.
****
والأهم وهو ثالثا أن النفيسي لم يكن يكذب في تغطية بعض الأحداث بروايتها بطريقة مغايرة لما يعتقد البعض، بل انه كان يتجمل، إما لحماية شخص لا يريد ذكر اسمه علانية أو لأنه يرى تلك الحادثة التي ذكرها من حيث يراها الآن تستوجب الذكر بهذه الطريقة.
****
تابعت كغيري الحلقات الست عشرة التي أجراها الإعلامي الذكي عمار تقي مع الدكتور عبدالله النفيسي وللأمانة وجدت أن بها إعادة كتابة للمشهد الكويتي السياسي من خلال تجربة النفيسي الخاصة، وبذكاء تقي والسرد غير الممل من النفيسي بأسلوبه البسيط يمكن للمتابع أن يرسم صورة ذهنية قريبة من الواقع للأحداث المحلية التي عاصرها النفيسي.
وهنا لا أمدح النفيسي قدر ما أؤكد أن الأخطاء التي وقع فيها لها مبرراتها المنطقية والعقلانية وبحكم عمر الضيف المتحدث أيضا.
****
ولا أعتقد أن شخصا بحجم وتجربة النفيسي بحاجة إلى الكذب، ولكنه اضطرار أو لحالة نسيان أورد أمرا غير متسق مع الأحداث التاريخية وهو أمر طبيعي جدا، بل متوقع.
****
توضيح الواضح: عمار تقي يقدم محتوى حقيقيا عبر الإنترنت، ولا أقول انه واحد ممن يقدمون محتوى حقيقيا وثريا بل انه الوحيد الآن الذي يقدم مادة ومحتوى يثريان المحتوى الكويتي، فشكرا عمار على ما تقدمه وتعرضه بأفكار تعيد توثيق المراحل السياسية السابقة بشيء من الفن الإعلامي الذي نفتقده في المحتوى الكويتي.
[email protected]