في الساعات الأخيرة من كل عام تظهر طرائف ثقيلة الدم على السنة الجميع، فهذا يقول: عشاكم عندي السنة الجاية، وفعليا هو يقصد غدا أو بعد غد، وكأن الجميع يصر على ارتكاب «الملاقة»، فالجميع تصيبهم حمى ملاقة نهاية رأس السنة، ولغير الناطقين باللهجة الكويتية فـ «الملاقة» هي السخافة، ولكن في سياق محاولة إلقاء طرفة لا تضحك، بل انه ليس فيها من الطرافة شيء، وفي هذه الحالة تكون الملاقة استخدام مفارقة الظرف الزماني بين ليلة نهاية العام وبين اليوم التالي من العام الجديد.
***
وما يكسر خاطري إلا عمال التوصيل الذين يقومون بالتوصيل في الساعة الأخيرة من السنة وتجد أن الزبائن يمطرونهم بجملة: «أنا طالب من السنة اللي طافت وتوك توصل السنة هذي»، طبعا جمل محاولة استخفاف الدم في هذه المناسبة كثيرة، لا يمكن حصرها أو حصر استخداماتها، فالشعب يبدو انه يصلب بحالة من «متلازمة الملاقة» في اليوم الأخير كل عام، وتتكرر كل عام بذات الجمل والأسلوب والاستخدام.
***
وتماشيا مع الملاقة يمكن القول إن استجواب وزيرة الشؤون الذي تم تقديمه هذا العام.. «لن تتم مناقشته إلا العام القادم»، الآن هل رأيتم كيف يمكن أن تكون الملاقة سياسية أيضا؟!
***
الأهم هو كيف سينتهي الاستجواب؟! أو إلى أي سيؤدي؟! وفي الحقيقة أن تعامل الحكومة مع المجلس اتضح جليا في اتخاذها موقف الحياد من التصويت في التحقيق في الجناسي المزورة، وهو وان كان موقفا حكوميا متزنا من قضية حساسة، إلا أنه أيضا ينبئ بأن الحكومة في حل من أي ارتباط مع أي طرف نيابي، وكنت قد ذكرت سابقا أن الحكومة ستواجه أي استجواب يقدم لها بلا طلب إحالة الى التشريعية أو حتى طلب السرية، ما يعني أنها حكومة مواجهة وليست حكومة تحالفات مع البرلمان.
***
وهذا سيعني قدرة الحكومة على عبور أي استجواب في ظل ظروف سياسية طبيعية، ونتيجة التصويت على الاستجواب ستحددها ظروف الجلسة والمزاج السياسي العام لحظة المناقشة، ما يعني انه لن يكون هناك تأثير لحسابات الصراعات السياسية على النفوذ، على الأقل ليس كما كان يحصل سابقا.
***
ولكن هذا لا يمنع أبدا أن الاستجواب الأخير سيكون بابا لاستجوابات أخرى قد تؤدي إلى خلل في الأداء الحكومي لاحقا، وبالتالي خروج وزير قبل الأوان المنطقي، والحكومة كما يبدو مستعدة لهذا الأمر.
[email protected]