خلقنا الله سبحانه وتعالى وجعل فينا قدرة على تحمل الألم تتفاوت من شخص إلى آخر ومن موقف إلى غيره، لكن هناك من الآلام ما يترك في النفس ندبات لا يمحوها الزمن. تخيل أن تفقد في يوم واحد والدك وأعز أصدقائك، فهذا ما حصل معي عندما توفي والدي، رحمة الله عليه، ليلة الأربعاء - الخميس الماضية أي ليلة ٢٧ من رمضان، لقد فقدت في هذه اللحظة أبا وصديقا، وعندما أقول صديقا فأنا أعني الكلمة بكل ما تحمله من معنى، لأنه، رحمه الله، كان صديقا لكل أبنائه وليس لي وحدي، لذا كنت من بين مجموعة أصدقائه الأبناء أو أبنائه الأصدقاء، فهكذا ربانا وهكذا كان يربينا نحن أبناءه.
> > >
ليس لأنه أبي، وليس لأنه صديقي أكتب عنه ما أكتب، بل لأنه بالنسبة إلي كنت أجد فيه، وانا صغير ومراهق ورجل، الأب الذي كان يتمناه كل أقراني ويحسدونني عليه، لأنه كان مختلفا جدا فكان التعامل فيما بيننا كأننا زمرة من الأصدقاء.
سافرت معه فكان «رفيج» سفر، وذهبت معه في رحلات صيد وكان نعم «الخوي»، كان أبي ولكنه في الرحلات والسفر كان شيئا آخر.
> > >
اختاره الله ليكون إلى جواره ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأعتقد ان في هذه بشارة خير له ولنا نحن ذويه، أستطيع ان أعدد مآثر أبي ولكن ليس لي ان أعدد الا أكثر ما لمسته منه كابن له، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
> > >
آخر أمنياته التي لم أتمكن من تحقيقها له هو ان يسافر إلى حائل، ذلك الطريق الذي جمعني به عشرات المرات في رحلات سفر وقنص.
حزنت لرحيله كابن له لكنني ومع هذا الحزن أفتقده بشدة كصديق طيب المعشر والأخوة.
> > >
مؤلم جدا جدا جدا عندما يجتمع حزن فقد الأب بفقد الصديق برحيل رجل واحد، المؤلم أكثر أنني كنت في المستشفى لمدة ثلاثة أشهر وهو كذلك أدخل بالتزامن معي فقضينا الأشهر الثلاثة الماضية لم ير أحدنا الآخر.
ألم آخر أنه، رحمه الله، ذهب قبل أن أراه أو أزوره بسب حالتي الصحية.
رجل بهذا الحجم بالنسبة إليّ لا بد أن يكون مع رحيله كل تلك الآلام، وهو يستحق أن أشعر بكل هذه الآلام من أجله.
> > >
رحمك الله يا أبي وأسكنك فسيح جناته فقد عشت بوجه أبيض ورحلت بوجه أبيض وفي أيام مباركة، وأفرغ الله علينا صبرا لرحيل رجل بحجمك بيننا.
[email protected]