الشاعر الأديب حمود البغيلي حالة شعرية استثنائية، فقد مارس الشعر بنجاح في جميع أشكاله المعروفة، ولم يكن يجرب فقط، بل كان يخوض وينجح، بدأ بالنبطي ولم يتميز فقط، بل وضع لنفسه اسما بين أسماء الصف الأول وهو لايزال شابا يافعا، مارس كتابة القصيدة النبطية التقليدية الموحشة الألفاظ، ومارس كتابة شقيقتها الحرة ونجح، خاض غمار المحاورة بين عمالقة واستطاع أن يضع له بصمة، اهتم بالأدب الشعبي عبر عمله كصحافي في جريدة القبس من خلال زاويته الأسبوعية الواحة التي احتضن بها مئات الشعراء، لم يكتف بهذا بل انتقل إلى الشاشة الصغيرة لينقل برنامج لوحات شعبية من برنامج محلي الى إقليمي التقى خلاله عشرات من نجوم شعر الخليج ووثق الكثير من أدبهم تلفزيونيا وكان أول من فعل ذلك.
> > >
شاعر هو كذلك، ومميز جدا له نكهته، صحافي هو أيضا لا تخطئه الكتابة ولا يخطئها، ويجيد التقاط الحدث، مقدم برامج هو أيضا في هذا المجال تميز في تخصصه، ناقد هو ناقد من الطراز الأول.
كنا نسميه الأميركي نحن الشعراء الذين كنا نعرض عليه قصائدنا ليخبرها أو يقدمها أواخر الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات.
لماذا الأميركي؟!، لأنه لم يكن يجامل تماما كما الأميركان عندما يسألون عن رأيهم في أمر أو جمالية محددة، فقد كان «يعطي بالوجه»، اذا كانت قصيدتك مكسورة قال لك: «مكسورة عدلها»، واذا كانت قصيدتك لا تصلح ابدا قال لك: «ما تصلح مكسرة ولا توريها أحد»، أما إذا كانت قصيدتك لا وزن ولا قافية ولا معنى ومجرد «خثاريق»، فيسقولها لك في وجهك.
> > >
سألته مرة لم تتعامل بهذه الصادمة مع الشعراء الجدد، فكان يقول «ما أحب اغش احد... أنا أقول له الحقيقة».
واذكر في بداياتها ومع هوجة انطلاقة المرحلة الذهبية للشعر الشعبي كانت تغشنا الأسماء، حمود البغيلي وحده كان يجيد الحكم على الشعراء ولا تغشه الاسماء، وكان يقول «هذا ليس شاعرا وهذا صنيعة نجومية الورق» كمثال، وكنا نعتقد انها غيرة منه، غير انه كان الاصدق في الحكم على ظواهر الشعراء النجوم في فترة التسعينيات، فسقطوا ورحلوا واختفوا، وبقي هو شاعرا حقيقيا وحكما على ساحة شعرية من الصعب ان يحيط بأسرارها شخص واحد.
> > >
من أبياته يقول البغيلي:
رفعت راسي للسما والحقوني
وحتيت متني وامتلت فيهم القاع.
هذا البيت من اصدق تعابير حمود البغيلي لرؤيته للساحة الشعرية الشعبية التي كان ولم يزل أحد اساتذتها، لا انه احد اهم هامات الشعر اليوم من بين المهضومين، والا من لا يحسب لحمود البغيلي حسابا في عالم الشعر؟
[email protected]