- الطبطبائي: تؤدي إلى ضياع حقوق الناس والحصول على امتيازات لا يستحقونها
- الشطي: مخالفة شرعية من الطبيب أو الموظف وهي من باب شهادة الزور
- السلطان: لا تحتاج لتوضيح تحريمها شرعاً وعقلاً وأخلاقياً وهي كذب وتزوير ورشوة
دأب البعض من معدومي الضمير على تقديم شهادات طبية مزورة، أي تثبت أمراضا غير موجودة فعلا لدى الشخص الذي يقوم بتقديمها وهذه الشهادات محررة بواسطة أطباء يخالفون دينهم وضمائرهم وتستخدم هذه الشهادات لتأجيل قضايا وبالتالي التأخير في حصول أصحاب الحق على حقوقهم، أو عدم حصولهم على هذه الحقوق مطلقا، بل ان هذه الشهادات أصبحت سلاحا يرفعه أي منحرف في وجه من يختلفون معه لإدانة الخصوم الأبرياء والإضرار بهم وتعطيل مصالحهم، حول هذه القضية نتعرف على رأي علماء الشرع فيها:
عقوبة صارمة
يقول عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية سابقا د.محمد الطبطبائي ان الشهادة الطبية في حد ذاتها شهادة عادية يفترض فيها ان تكون مطابقة للحقيقة من مرض الإنسان أو إصابته ويوجب الشرع فيها التزام جانب الحق وألا تؤدي لضياع الحقوق سواء تجاه انسان أو مجتمع أو لأخذ شيء لا يستحقه صاحب الشهادة فإذا كانت على غير الحقيقة تكون بمنزلة شهادة زور، وشهادة الزور في الإسلام من أكبر الكبائر أي انها أعظم الذنوب التي يستحق الإنسان العقوبة عليها لأنها تؤدي لضياع حقوق الناس والحصول على امتيازات ومزايا لا يستحقونها.
وأضاف ان الشهادة الطبية المزورة أو التي لا تطابق الحقيقة قد تؤدي لقتل إنسان أو سجنه أو ضياع حقوقه المالية، وقد تشجع على ترك العمل وتعطيل مصالح الناس، لذلك فإنه الى جانب العقوبات التي ترتبط بها تنظيمات العمل فإن الشرع تشدد في عقوبتها وهي تخضع لعقوبات التعزيز، كما تحدد عقوبات جرائم الحدود والسرقة والزنا وقطع الطريق إلا ان للحاكم والمجتمع ان يفرضا عقوبات الزجر على مرتكب هذه الجريمة مع انها تدخل في عقوبات التعزيز بالعقوبات القاسية فمن المطلوب ان يتم التشديد في العقوبات حتى يؤدي ذلك الى منعها.
وأشار الى ان تلك العقوبات الخاصة بهذه الجرائم يجب ان تكون مؤثرة ومصلحة في الوقت نفسه لأن الادعاء الكاذب عمل خطير وقد يكون نموذجا لآخرين وباعثا على إفشاء الفساد بين الناس ومشجعا على التقاعس عن العمل والحصول على الراتب دون جهد مقابل وهو ما يقوض أركان المجتمع وقوته الاقتصادية، وهذا السلوك يساعد ايضا على عدوانية الناس وانتشار الظلم وان من يحرر هذه الشهادة غير المطابقة للحقيقة يرتكب جريمة لا تقل عمن تحرر له لأنه يزكي عملا ينافي تعاليم الإسلام وقيمه وحضارته.
خيانة
واعتبر د.ناظم المسباح ان منح بعض الأطباء لشهادة الإجازة المرضية لشخص صحيح معافى، خيانة للأمانة، وابتعاد عن الحق والصواب من جهة، ومن جهة اخرى تعتبر شهادته شهادة زور، وطالب المسباح الأطباء بالتحقق من شهادتهم لأن الله تبارك وتعالى يأمرنا بأن نشهد على الحق (واشهدوا ذوي عدل منكم)، كما دعا الموظف المسلم الى أداء أمانته كاملة وأن يكون مثالا للآخرين من الشباب وغيرهم حتى يسير على ما فرضه الإسلام وأوجبه القرآن من المحافظة على أداء الواجب كاملا غير منقوص.
وطالب د.المسباح بأن يتقن الموظف عمله دون تزييف ولا تغيب إلا لعذر شرعي، موضحا انه لا يصح له ان يتجاوز الحدود التي حددها له القانون أو الإدارة من أداء الواجب (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).
وأكد ان المال الذي يحصل عليه الموظف من عمله الذي تغيب منه بدون مبرر مال حرام وان أكل المال الحرام سبب في عدم إجابة الدعاء وسبب في محق البركة، ودعا د.المسباح المسلم إلى اتقان عمله واستحضار مراقبة الله عز وجل وان يعلم المسلم ان عمله أمانة لا بد أن يؤديها كما يجب، كما دعا الأطباء الى الخوف من الله والى عدم الإعانة على الإثم والعدوان.
حرام
ويؤكد د.بسام الشطي ان التزوير واستصدار شهادات طبية مزورة كذب وتزوير وباطل، وكل هذا حرام والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من غشنا فليس منا» فمنح الطبيب لشهادة الإجازة المرضية لشخص صحيح غير مريض تدخل في سياق «خيانة الأمانة وشهادة الزور» التي تعتبر من أكبر الكبائر، وان المال الذي يتقاضاه مقابل منحه الشهادة له مال حرام وهو مخالفة شرعية سواء من قبل الطبيب أو الموظف.
من الكبائر
وشدد د.خالد السلطان على ان المال الذي يتقاضاه العامل والموظف في الأيام التي يقدمها على انه مريض وهو صحيح لا يحتاج اليها صحيا يعتبر مالا حراما وان الطبيب الذي تعمد إعطاء شهادة الإجازة المرضية لذلك الموظف تعتبر شهادة زور والتي تعتبر من أكبر الكبائر والله سبحانه وتعالى يقول: (واجتنبوا قول الزور) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قول الزور أو قال شهادة الزور» رواه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه.
وطالب د.السلطان من يقوم بهذا العمل من الأطباء بالتشدد في منح هذه الشهادات مع الفحص الجيد والدقيق لطالب الإجازة المرضية حتى يتجنبوا هذا المحظور، وهي شهادة الزور، ودعا المجتمع الكويتي الى إزالة هذه العادة المحظورة باعتبارها مخالفة شرعية سواء من جانب العامل أو الموظف والطبيب.
وأكد السلطان ان أخذ إجازة مرضية مزورة لا يحتاج الى توضيح وبيان لتحريمها شرعا وعقلا وأخلاقيا باعتبارها معلومة بالضرورة لكل عاقل مؤمن أو كافر، بر أو فاجر وانتقد السلطان تبرير بعض الموظفين اتباعهم هذا المسلك واعتبره كذبا وتزويرا ورشوة.